للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَرْبِ، فَهُنَاكَ إنَّمَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا بَيْنَ الْمُتَصَرِّفِ وَالْمُتَصَرَّفِ فِيهِ، وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيمَا إذَا تَصَرَّفَ الْوَكِيلُ، وَهُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَعَ الْعَبْدِ، وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِهِ لِلْوَارِثِ ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا، وَذَلِكَ الْعَبْدُ قَائِمٌ فِي يَدِ وَارِثِهِ، فَرَدَّهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ نَفَذَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ كَاتَبَهُ لَمْ يَنْفُذْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ عَلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، وَبِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ يَنْفُذُ الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ نَفَذَ الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ، فِيمَا صَارَ مُسْتَحَقَّا مِنْ الْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرُ لَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَاضَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَضَاءُ الْقَاضِي بِهِ لِلْوَارِثِ لَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِذَلِكَ التَّصَرُّفِ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ، فَيَكُونُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ لِلْوَارِثِ مُبْطِلًا لِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، وَهِيَ بَعْدَ مَا بَطَلَتْ لَا تَعُودُ إلَّا بِالتَّجْدِيدِ.

وَهَذَا لِأَنَّ بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى إنْهَاءِ الْمِلْكِ لَا إبْطَالِهِ، وَإِذَا عَادَ أَصْلُ مِلْكِهِ فِي الْقَائِمِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مُسْلِمًا بِقَضَاءِ الْقَاضِي يَعُودُ مَا يُنْهِيهِ، فَأَمَّا الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ قَاطِعٌ لِلْمِلْكِ فَعَوْدُ الْمِلْكِ إلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَتَضَمَّنُ عَوْدَ مَا هُوَ قَاطِعٌ لِلْمِلْكِ، بَعْدَ مَا بَطَلَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ لِلْوَارِثِ.

٣٨٦٠ - وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ حِينَ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهِ، ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْعَبْدَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُ الْوَكِيلِ وَالتَّدْبِيرُ الَّذِي كَانَ فِعْلُهُ بَعْدَ لَحَاقِهِ،

<<  <   >  >>