للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا مُشْكِلٌ، فَإِنَّ هَا هُنَا لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ ذَلِكَ الْمِلْكُ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ التَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ، وَإِنَّمَا هَذَا مِلْكٌ حَادِثٌ لَهُ بِسَبَبٍ أَحْدَثَهُ، فَيَنْبَغِي أَلَا يَنْفُذَ ذَلِكَ الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا حَادِثًا مِنْ وَجْهٍ فَهُوَ مِنْ وَجْهٍ كَأَنَّهُ ذَلِكَ الْمِلْكُ، وَمَا يُعْطَى يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْفِدَاءِ لِذَلِكَ الْمِلْكِ، كَمَوْلَى الْعَبْدِ الْمَأْسُورِ إذَا أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي جُعِلَ مُعِيدًا لَهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، وَمَا أَدَّى يُجْعَلُ فِي حُكْمِ الْفِدَاءِ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ هَذَا وَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ وَارِثِهِ فَرَدَّهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ سَوَاءً؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ يَثْبُتُ بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ، وَذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَيَظْهَرُ عِنْدَ ظُهُورِ مِلْكِهِ فِي الْمَحَلِّ، لِقِيَامِ الِاسْتِحْقَاقِ، كَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ إنْسَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ الْمُرْتَدُّ بِنَفْسِهِ أَوْ دَبَّرَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ مِيرَاثًا لِلْوَارِثِ، ثُمَّ إذَا جَاءَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا بَعْدَ ذَلِكَ فَرَجَعَ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، إمَّا مِنْ يَدِ الْوَارِثِ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، أَوْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِشِرَاءٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ ذَلِكَ الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ كَذَلِكَ هَا هُنَا. .

٣٨٦١ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَ الْوَارِثُ عَبْدًا لِلْمُرْتَدِّ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ يُعَادُ إلَيْهِ مُكَاتَبًا، وَيُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْوَارِثَ كَانَ كَاتَبَهُ بِأَمْرِهِ، فَيَكُونُ مُكَاتِبًا لِلَّذِي جَاءَ مُسْلِمًا، وَعَادَ الْمَمْلُوكَ إلَيْهِ يُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الزَّوَالَ لَمْ يَكُنْ مِنْ يَدِهِ أَصْلًا.

٣٨٦٢ -

<<  <   >  >>