للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ صَارَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي كَالْمَيِّتِ حُكْمًا.

وَسَبَبُ ذَلِكَ رِدَّتُهُ، فَمَا بَقِيَ هَذَا السَّبَبُ يَبْقَى هُوَ مَيِّتًا حُكْمًا، وَإِنْ رَجَعَ إلَى دَارِنَا، وَلِهَذَا كَانَ الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ عَلَى حَالِهِ لَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَدِّ عَلَيْهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ مُسْلِمًا كَانَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ إلَى أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِرَدِّهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا رَجَعَ مُرْتَدًّا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ، وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي بِرَدِّهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَبَى قَتَلَهُ، وَإِنْ قَالَ: رُدَّ عَلَيَّ مَالِي، وَاجْعَلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ أَجَلًا حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّلُهُ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ، وَرَوَيْنَا فِيهِ حَدِيثَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ: هَلَّا طَيَّنْتُمْ عَلَيْهِ الْبَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَعْطَيْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا فَلَعَلَّهُ يُرَاجِعُ الْحَقَّ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَالَهُ مَا لَمْ يُسْلِمْ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَحَيَاتُهُ حُكْمًا تَكُونُ بِإِسْلَامِهِ، فَمَا لَمْ يُظْهِرْ ذَلِكَ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، وَالتَّأْجِيلُ عِنْدَنَا مُسْتَحَبٌّ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ حَتَّى إنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْحَالِ، وَلَا يُؤَجِّلَهُ إنْ أَبَى أَنْ يُسْلِمَ، بِخِلَافِ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَجِّلَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ.

٣٨٧١ - وَلَوْ لَحِقَتْ الْمُرْتَدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَضَى الْقَاضِي بِمِيرَاثِهَا لِوَرَثَتِهَا، ثُمَّ جَاءَتْ مُرْتَدَّةً بِأَمَانٍ، وَطَلَبَتْ مَالَهَا لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ هَالِكَةً بِقَضَاءِ الْقَاضِي، فَمَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا سَبَبُ الْحَيَاةِ حُكْمًا لَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ. .

٣٨٧٢ -

<<  <   >  >>