للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُ فِي الْأَصْلِ بِبِنَائِهَا، فَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا بِالْأَخْذِ إلَى مِلْكِهِ كَمَا كَانَتْ.

فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى جَعَلَهَا مِمَّنْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَصَلَّوْا فِيهَا، وَلَمْ يَزِدْ فِيهَا بُنْيَانًا، أَوْ كَانَتْ أَرْضًا فَجَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً، أَوْ جَعَلَهَا خَانًا لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا الْأَوَّلُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّهَا تَحَرَّزَتْ عَنْ مِلْكِ الْعِبَادِ بِمَا أَحْدَثَ فِيهَا مِنْ التَّصَرُّفِ، فَكَانَ هَذَا قِيَاسَ الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَهُ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُضَ التَّصَرُّفَ، وَبِدُونِ نَقْضِ التَّصَرُّفِ هَا هُنَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَصِرْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ حَتَّى يَأْخُذَهَا مِنْهُ بِالْقِيمَةِ، وَبِهِ فَارَقَ الشُّفْعَةَ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا نَقَضَ تَصَرُّفَهُ رَجَعَتْ إلَى مِلْكِهِ، كَمَا كَانَتْ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ، فَإِنْ خَرِبَ مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَانْتَقَلَ عَنْهُ أَهْلُهُ فَقَدْ رَجَعَ إلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ، عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ يَزُولُ الْمَانِعُ، فَكَانَ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْقِيمَةِ.

٣٩٣٤ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ فَرَسًا فَجَعَلَهَا مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ حَبِيسًا، ثُمَّ حَضَرَ مَالِكُهُ الْأَوَّلُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْوَقْفُ فِي الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ فِيمَا فِيهِ الْعَادَةُ. فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْوَقْفُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اللُّزُومُ وَلَا يُخْرِجُ الْعَيْنَ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ، فَكَانَ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ خَاصَّةً

<<  <   >  >>