لِأَنَّ الْبِنَاءَ اسْتِهْلَاكٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبِنَاءَ، لِيَأْخُذَ، كَمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
وَإِنَّمَا هَذَا نَظِيرُ مَوْهُوبٍ لَهُ يَبْنِي فِي الْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ، ثُمَّ يُرِيدُ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِيهَا، فَهُنَاكَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ اسْتِهْلَاكٌ فَهَذَا مِثْلُهُ.
٣٩٣٢ - وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مُشْتَرِي الْأَرْضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ، إذَا بَنَاهَا، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ أَوْجَبُ مِنْ حَقِّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ هَا هُنَا، فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لَهُ بِالْأَخْذِ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ، ثُمَّ هَدَمَ الْبَانِي بِنَاءَهُ حَتَّى عَادَ كَمَا كَانَ فَلِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْفِدَاءِ هَا هُنَا.
لِأَنَّ الْمَانِعَ كَانَ هُوَ الْبِنَاءَ، وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ، بِمَنْزِلَةِ الْوَاهِبِ يُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَمَا رَفَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبِنَاءَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ إنَّمَا بَنَى فِيهَا أَهْلُ الْحَرْبِ حِينَ أَحْرَزُوهَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ فِيمَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَهَذَا الْبِنَاءُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ قَطُّ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ أَخْذِ الْبِنَاءِ، وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَخْذُ الْأَرْضِ بِدُونِ الْبِنَاءِ، فَإِنْ هَدَمَ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ الْبِنَاءَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ.
٣٩٣٣ - وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَبْنِيَّةً حِينَ أَخَذَهَا الْمُشْرِكُونَ فَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ لِمَالِكِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا مَبْنِيَّةً يَوْمَ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute