للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُسْلِمَةٌ فَطَاوَعَاهُ فِي الْخُرُوجِ، أَوْ أَجْبَرَهُمَا لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَكَانَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ.

وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بِحُرِّيَّتِهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِنَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ بِاللَّحَاقِ صَارَ حَرْبِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ.

وَقِيلَ: بَلْ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُفَرِّقُ وَيَقُولُ: هُنَاكَ الْمُسْتَأْمَنُ كَانَ مُجْبَرًا عَلَى إزَالَةِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَكِنْ كَانَتْ الْإِزَالَةُ بِالْبَيْعِ لِحُرْمَةِ الْأَمَانِ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ بِلَحَاقِهِ تَمَّ الزَّوَالُ الَّذِي كَانَ مُسْتَحَقًّا.

فَأَمَّا هَذَا الْمُرْتَدُّ لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا عَلَى إزَالَةِ هَذَا الْعَبْدِ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ يُلْحِقَ بِهِ دَارَ الْحَرْبِ، فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ أَيْضًا إنْ أَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، لِأَنَّهُ صَارَ حَرْبِيًّا وَلَهُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ.

فَإِنْ أُخِذَ الْمُرْتَدُّ وَمَمْلُوكُهُ مَعَهُ مُسْلِمٌ فَالْمَمْلُوكُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ إحْرَازَهُ نَفْسَهُ سَبَقَ إحْرَازَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ، كَوْنُ يَدِهِ فِي نَفْسِهِ أَقْوَى.

٣٩٨٤ - وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُرْتَدِّ الْمُرْتَدَّةُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الرَّقِيقِ.

وَإِنَّمَا الْفَرْقُ فِي نَفْسِهَا فَالْمُرْتَدَّةُ تَكُونُ فَيْئًا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ.

وَلَوْ دَعَا الْمُرْتَدُّ مَمْلُوكَهُ إلَى الرِّدَّةِ فَأَجَابَهُ إلَيْهَا، ثُمَّ وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمَا، فَالْمَمْلُوكُ فَيْءٌ.

لِأَنَّهُ صَارَ مُحْرِزًا نَفْسَهُ هَا هُنَا، فَإِنَّهُ حَرْبِيٌّ، وَلَكِنَّهُ إنْ كَانَ عَبْدًا يُقْتَلُ إنْ أَبَى الْإِسْلَامَ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ تُقْتَلْ، وَلَكِنَّهَا تُحْبَسُ وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ الْمُرْتَدَّةِ. .

٣٩٨٥ -

<<  <   >  >>