قُوَّةَ أَنْفُسِهِمْ بِالْمُوَادَعَةِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُمْ قُوَّةُ كَسْرِ شَوْكَتِهِمْ، فَحِينَئِذٍ يَنْبِذُونَ إلَيْهِمْ وَيُقَاتِلُونَهُمْ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إنْظَارِ الْمُعْسِرِ إلَى الْمَيْسَرَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] .
٢١٤ - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: وَادِعُونَا عَلَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَالًا مَعْلُومًا عَلَى أَنْ تُجْرُوا عَلَيْنَا أَحْكَامَكُمْ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي الْمُوَادَعَةُ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ لَا يَلْتَزِمُونَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِنَا، وَإِنَّمَا يَنْتَهِي الْقِتَالُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ، وَالرِّضَا مِنْهُمْ بِالْمُقَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَقْهُورِينَ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُحَارَبَةِ أَصْلًا، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِيمَا طَلَبُوا، وَلِأَنَّهُمْ لَوْ أُجِيبُوا إلَى ذَلِكَ رُبَّمَا يَظُنُّونَ أَنَّا إنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ طَمَعًا فِي أَمْوَالِهِمْ، بَلْ لَا يَشُكُّونَ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْصِدُوا ذَلِكَ أَوْ يُظْهِرُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
٢١٥ - إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ شَدِيدَةٌ فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ الْمُوَادَعَةُ مَعَهُمْ بِغَيْرِ مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ، فَلَأَنْ يَجُوزَ بِمَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَانَ أَوْلَى. وَهَذَا الْمَالُ لَا يُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ تَرْكِ الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ لِأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ لَنَا. فَبِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْإِبَاحَةِ يُؤْخَذُ هَذَا الْمَالُ مِنْهُمْ.
- قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى الْجِهَادِ وَلَهُ أَبَوَانِ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute