ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَبُ عَرَبِيًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا فَلَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ أَحَبَّ. وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ حَرْبِيًّا فَأَسَرَهُ الْمُسْلِمُونَ وَأَعْتَقَهُ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَتَحَوَّلُ عَنْهُ.
وَهَذَا بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ أَقْوَى مِنْ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ، وَأَنَّ الْأَبَ يَجُرُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَ إلَى مَوَالِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَلَدِ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ مَقْصُودَةٍ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاغَمَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ «بِحَدِيثِ عَبِيدِ أَهْلِ الطَّائِفِ فَإِنَّهُمْ حِينَ خَرَجُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، مُسْلِمِينَ فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ جَاءَ مَوَالِيهِمْ فَطَلَبُوا رَدَّهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: أُولَئِكَ عُتَقَاءُ اللَّهِ تَعَالَى» . وَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِمْ لِأَحَدٍ، وَاَلَّذِي رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، رَدَّ وَلَاءَهُمْ إلَى مَوَالِيهِمْ. فَالْمُرَادُ وَلَاءُ الْمَوْلَاةِ لَهُمْ أَنْ يُوَالُوا مَنْ أَحَبُّوا وَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِمَوَالِيهِمْ الَّذِينَ وَالُوهُمْ.
٣٩٩٧ - وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ وَسَلَّمَهُ، فَهُوَ حُرٌّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي السِّيَرِ الصَّغِيرِ، إلَّا أَنَّ هُنَاكَ أَبْهَمَ الْجَوَابَ وَهَا هُنَا فَسَّرَ، فَقَالَ: بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ لَا يُعْتَقُ، وَلَكِنْ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يُعْتَقُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ خُرُوجُهُ مِنْ يَدِهِ لِيُعْتَقَ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِالتَّسْلِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute