للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ أَصَابَهُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَالْحَرْبِيُّ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا كَانَ أَصَابَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ "، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ التَّأْوِيلَ الْبَاطِلَ فِي حَقِّ أَهْلِ الْحَرْبِ يُلْحَقُ بِالتَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ فِي الْأَحْكَامِ، فَكَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَسْتَوْجِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ لَا يَسْتَوْجِبُ ذَلِكَ، وَالْمُرْتَدُّ بَعْدَ اللَّحَاقِ حَرْبِيٌّ. .

٤٠٤٠ - وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمُ مِنْ حَدٍّ لِلَّهِ فِي زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ أَصَابَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ تَائِبًا فَذَلِكَ كُلُّهُ مَوْضُوعٌ عَنْهُ لِأَنَّ كَوْنَهُ حَرْبِيًّا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِارْتِكَابِ سَبَبِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، كَمَا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْمَنِ فَيَمْنَعُ الْبَقَاءَ إذَا اعْتَرَضَ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي السَّرِقَةِ. ٤٠٤١ وَإِنْ أَصَابَ دَمًا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَحَالُهُ فِي ذَلِكَ كَحَالِ الْمُسْتَأْمَنِ لِأَنَّ مَا كَانَ فِيهِ حَقُّ الْعِبَادِ فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِهِ. ٤٠٤٢

وَمَا أَصَابَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْقَتْلِ خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ أَصَابَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ، وَفِي مَالِهِ إنْ أَصَابَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ لِأَنَّ التَّعَاقُلَ بِاعْتِبَارِ التَّنَاصُرِ، وَأَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يَنْصُرُ الْمُرْتَدَّ.

فَإِنْ الْتَزَمَ الْمُسْلِمُ حَدَّ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ، ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ اللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ.

<<  <   >  >>