فَإِنْ أَبَى إلَّا أَنْ يُعْطُوهُ ذَلِكَ نَصًّا أَعْطَوْهُ ذَلِكَ، وَزَادُوا فِي الصُّلْحِ كَلِمَةً تَنْقُضُ الصُّلْحَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَفْطِنُ الْمُرْتَدُّ بِهَا فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: نُؤْمِنُ بِشَرْطِ أَلَا نَنْحَنِيَ؛ أَيْ لَا نَرْكَعَ وَلَا نَسْجُدَ، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ، وَكَتَبَ فِي آخِرِ كِتَابِ الصُّلْحِ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ» وَرَأَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ نَاقِضَةً لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ. ٤٠٤٨ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى هَذَا أَيْضًا وَأَعْطَوْهُ الصُّلْحَ عَلَى مَا أَرَادَ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفُوا بِذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ شَرْعًا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْهُمْ مِنْ الشَّرْطِ كَانَ حَرَامًا أَيْضًا، وَارْتِكَابُ حَرَامٍ لَا يَطْرُقُ إلَى ارْتِكَابِ حَرَامٍ آخَرَ شَرْعًا.
٤٠٤٩ - وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ قَوْمٌ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ أَنْ يُؤَمِّنُوهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونُوا ذِمَّةً يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَمِّنُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ مُسْتَحِقٌّ حَدًّا، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ إقَامَةِ الْحَدِّ وَلَا تَأْخِيرُهُ بِمَالٍ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ لَيْسَ هُوَ الْمَالُ، بَلْ الْتِزَامُ الْحَرْبِيِّ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ، فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ، وَأَحْكَامُ الْإِسْلَامِ لَازِمَةٌ عَلَى الْمُرْتَدِّ فَلَا يَكُونُ فِي إعْطَاءِ الْأَمَانِ لَهُ غَرَضٌ سِوَى إظْهَارِ الرَّغْبَةِ فِي الْمَالِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute