وَإِذَا كَانَ هُوَ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ عَنْهُ فَكَيْفَ يَمْلِكُ غَيْرُهُ ذَلِكَ، فَظَهَرَ أَنَّ مَنْ يُؤَمِّنُهُ عَلَى هَذَا فَهُوَ مُلْتَزِمٌ مَا لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ ٤٠٤٥ فَإِنْ آمَنَهُ الْإِمَامُ عَلَى هَذَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ لَهُ بِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إلَى السُّنَّةِ» . وَقَدْ كَانَ هَذَا جَهْلًا مِنْهُ حَيْثُ شَرَطَ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ مَا هُوَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ مَا لَزِمَهُ إذَا طَلَبَهُ الْخَصْمُ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى هَذَا الشَّرْطِ.
فَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَفُوا لِي بِمَا آمَنْتُمُونِي عَلَيْهِ فَرُدُّونِي إلَى مَأْمَنِي، لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ تَمَكَّنَ مِنْهُ الْإِمَامُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ أَنْ يَعُودَ حَرْبًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَالٍ. ٤٠٤٦ وَإِنْ دَعَا إلَى هَذَا الصُّلْحِ، وَعَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَيْهِمْ إلَّا بِالْإِجَابَةِ إلَى ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعَامِلُوهُ عَلَى أَمْرٍ لَا يَكْذِبُونَ فِيهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَعْطَوْهُ مَا أَرَادَ. يَعْنِي يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلُوا مَعَارِيضَ الْكَلَامِ، فَإِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي حَقِّ الْمُحَارَبِينَ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ» . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بِقَوْلِهِ، فَلَعَلَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْكَذِبَ لَا رُخْصَةَ فِيهِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْكَذِبَ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute