ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا أَصَابُوا مِنْ حَدِّ الْخَمْرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحُدُودِ فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ بَعْدَ مَا صَارُوا مُحَارَبِينَ، إذَا تَابُوا، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَالِحَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ يَضَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ.
وَكَذَلِكَ مَا أَصَابُوهُ بَعْدَ مَا ظَهَرَ لَهُمْ الْمَنْعَةُ، فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ إذَا تَابُوا إلَّا أَنَّهُمْ يُطَالَبُونَ بِرَدِّ مَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ طَلَبُوا الصُّلْحَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ لَهُمْ فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَفِ لَهُمْ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَأَمَرَهُمْ بِرَدِّ مَا وَجَدُوهُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهِدٍ، وَإِنَّمَا لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِالْحُدُودِ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ تَقَادُمَ الْعَهْدِ يَمْنَعُ إقَامَةَ هَذِهِ الْحُدُودِ، عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: " أَيُّمَا قَوْمٍ شَهِدُوا عَلَى حَدٍّ لَمْ يَشْهَدُوا عِنْدَ حَضْرَتِهِ فَإِنَّمَا شَهِدُوا عَنْ ضَغَنٍ، وَمِنْ أَبْيَنِ أَسْبَابِ التَّطَاوُلِ خُرُوجُهُ مِنْ حُكْمِ أَهْلِ الْعَدْلِ. .
٤٠٥٦ - وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَدُّ إذَا أَصَابَ شَيْئًا مِمَّا فِيهِ مَظَالِمُ الْعِبَادِ فِي حِصْنٍ مِنْ حُصُونِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَطَلَبَ الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُتْرَكَ ذَلِكَ لَهُ لِيَفْتَحَ الْحِصْنَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَهَذَا وَمَا سَبَقَ سَوَاءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute