فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْمَلِكَ قَالَ لَهُ: لَأَقْتُلَنَّكَ أَوْ لَتَكْفُرَنَّ، وَلَا يُدْرَى أَكَفَرَ عِنْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَكْفُرْ وَقَالَ الْأَسِيرُ: فَإِنِّي إنَّمَا أَجْرَيْت كَلِمَةَ الْكُفْرِ عِنْدَ ذَلِكَ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ صَارَتْ تِلْكَ الْحَالَةُ مَعْهُودَةً، وَمَتَى أَضَافَ الزَّوْجُ سَبَبَ الْفُرْقَةِ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا وَأَنَا صَبِيٌّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْحَالَةَ إذَا كَانَتْ مَعْهُودَةً فَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُنْكِرٌ لِلْفُرْقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحَالَةُ مَعْهُودَةً فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمَانِعِ، وَذَلِكَ حَادِثٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ امْرَأَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ حَقُّ الشَّرْعِ، فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ. .
٤٠٦١ - قَالَ: وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ الزَّوْجُ: أَصَابَنِي بِرْسَامٌ أَوْ وَجَعٌ أَذْهَبَ عَقْلِي أَوْ جُنُونٌ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنِّي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ مَجْنُونًا مَرَّةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْجُنُونَ لَهُ صَارَ مَعْهُودًا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَمَتَى كَانَتْ الْإِضَافَةُ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي الْفُرْقَةَ كَانَ مَقْبُولَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute