للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: طَلَّقْتهَا وَأَنَا نَائِمٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ هَا هُنَا؛ لِأَنَّ حَالَ النَّوْمِ حَالٌ مَعْهُودٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ، كَحَالَةِ الصِّغَرِ فَإِضَافَتُهُ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ تَكُونُ إنْكَارًا مَعْنًى.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُنْت طَلَّقْتهَا قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إنْكَارًا لِلطَّلَاقِ، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ.

٤٠٦٢ - وَلَوْ قَالَ: شَرِبْت حَتَّى سَكِرْت فَذَهَبَ عَقْلِي، فَطَلَّقْتهَا، أَوْ ارْتَدَدْت عَنْ الْإِسْلَامِ، فَفِي بَابِ الطَّلَاقِ هِيَ بَائِنٌ مِنْهُ صَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَتْهُ؛ لِأَنَّ السُّكْرَ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، فَالْحَالَةُ الَّتِي أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْفُرْقَةِ، بِخِلَافِ النَّوْمِ، وَهَذَا لِأَنَّ السَّكْرَانَ عَقْلُهُ مَعَهُ إلَّا أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَيْهِ السُّرُورُ، فَيَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ عَقْلِهِ، وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرِبَ الْبَنْجَ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُزِيلُ عَقْلَهُ، بِخِلَافِ النَّائِمِ، فَإِنَّهُ فِي حَالِ نَوْمِهِ فِي حُكْمِ مَنْ لَا يَعْقِلُ شَرْعًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» الْحَدِيثُ وَحَالُ السَّكْرَانِ كَحَالِ ابْنِ السَّبِيلِ الْمُنْقَطِعِ عَنْ مَالِهِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ لَا تَصِلُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَنْ هَلَكَ مَالُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، بِأَنْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ وَجَحَدَهُ.

<<  <   >  >>