فَأَمَّا فِي الرِّدَّةِ فَإِنْ عُرِفَ مِنْهُ السُّكْرُ فِي وَقْتٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّكْرَ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بِالرِّدَّةِ، وَالسَّكْرَانُ الَّذِي يَهْذِي قَلَّمَا يَنْجُو مِنْ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الرِّدَّةِ يَبْتَنِي عَلَى الِاعْتِقَادِ، فَالسَّكْرَانُ لَا يَكُونُ مُعْتَقِدًا لِمَا يَقُولُ، فَمَتَى أَضَافَ إلَى حَالَةٍ غَيْرِ مَعْهُودَةٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَمَتَى أَضَافَ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ كَانَ مَقْبُولَ الْقَوْلِ فِيهِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى تَصْدِيقِ الْمَرْأَةِ وَتَكْذِيبِهَا فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ مَحْضُ حَقِّ الشَّرْعِ.
٤٠٦٣ - وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِلْقَاضِي: إنِّي سَمِعْت زَوْجِي يَقُولُ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ حِكَايَةً عَمَّنْ يَقُولُ هَذَا فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الضَّمِيرِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِحُكْمِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، فَإِنَّ مَا فِي ضَمِيرِهِ دُونَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، وَالشَّيْءُ لَا يَنْسَخُهُ إلَّا مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ فَوْقَهُ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ بِقَلْبِهِ كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَيَسْتَوِي إنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِيمَا قَالَ أَوْ كَذَّبَتْهُ. ٤٠٦٤ وَلَوْ قَالَ: إنِّي وَصَلْت كَلَامِي فَقُلْت: النَّصَارَى يَقُولُونَ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ أَوْ قُلْتُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ قَوْلُ النَّصَارَى، وَلَمْ تَسْمَعْ الْمَرْأَةُ إلَّا بَعْضَ كَلَامِي، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: كَذِبٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute