لِأَنَّ الزَّوْجَ هَا هُنَا مَا أَقَرَّ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْفُرْقَةِ، فَإِنَّ عَيْنَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا تَكُونُ مُوجِبَةً لِلْفُرْقَةِ، فَيَكُونُ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُنْكِرًا لِمَا تَدَّعِيهِ مِنْ السَّبَبِ الْمُوجِبِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ: كُنْت قُلْت لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَّبَتْهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، فَهُنَاكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّا فَهَذَا مِثْلُهُ. ٤٠٦٥ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: قَدْ أَظْهَرْت قَوْلِي الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَأَخْفَيْت مَا سِوَى ذَلِكَ، إلَّا أَنِّي تَكَلَّمْت بِهِ مَوْصُولًا بِكَلَامِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، إلَّا إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ قَالَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ الْقَاضِي يَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتَهُ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ.؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ أَثْبَتُوا السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْفُرْقَةِ، وَقَوْلُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِيمَا يُبْطِلُ شَهَادَةَ الشُّهُودِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ السَّبَبُ لِلْفُرْقَةِ إنَّمَا ظَهَرَ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ مَا يُنَافِي وُقُوعَ الْفُرْقَةِ، فَلِهَذَا جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْف يُقْبَلُ قَوْلُ الشُّهُودِ إنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْهُمْ عَلَى النَّفْيِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ، قُلْنَا: لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لَيْسَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ بَلْ بِمَا سَبَقَ مِمَّا هُوَ إثْبَاتٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى أَنَّ هَذَا أَخُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ، لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ.
(يُوَضِّحُهُ) أَنَّ قَوْلَهُمْ: لَمْ يَقُلْ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ فِيهِ إثْبَاتُ أَنَّ مَا يَدَّعِي مِنْ الزِّيَادَةِ فِي ضَمِيرِهِ لَا فِي كَلَامِهِ، فَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ نَاسِخًا لِمُوجِبِ كَلَامِهِ، وَلِأَنَّهُمْ فِي شَهَادَتِهِمْ أَثْبَتُوا سُكُوتَهُ بِقَوْلِهِمْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، وَالسُّكُوتُ لَهُ أَمْرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute