للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُثْبَتٌ مُعَايَنٌ، حَتَّى لَوْ قَالَ الشُّهُودُ: لَا نَدْرِي أَقَالَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقُلْ إلَّا أَنَّا لَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ قَوْلِهِ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّ هَا هُنَا الشُّهُودَ مَا أَثْبَتُوا أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي ضَمِيرِهِ لَا فِي كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا قَالُوا: لَمْ نَسْمَعْ، وَكَمَا لَمْ يَسْمَعُوا ذَلِكَ مِنْهُ فَالْقَاضِي لَمْ يَسْمَعْ أَيْضًا، وَهُمْ نَسَبُوا أَنْفُسَهُمْ إلَى الْغَفْلَةِ وَعَدَمِ السَّمَاعِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. وَعَلَى هَذَا لَوْ ادَّعَى التَّكَلُّمَ بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْخُلْعِ أَوْ التَّكَلُّمِ بِالشَّرْطِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ مَوْصُولًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ بِغَيْرِ ذِكْرِ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوَ إنْ شَهِدُوا وَقَالُوا خَالَعَ أَوْ طَلَّقَ بِغَيْرِ ذِكْرِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ طَلَّقَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. ٤٠٦٦ وَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ لَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ كَلِمَةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْخُلْعِ فَالْقَاضِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ مَا يَكُونُ دَلِيلَ صِحَّةِ الْخُلْعِ مِنْ قَبْضِ الْبَدَلِ أَوْ سَبَبٍ آخَرَ، فَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ.

وَإِنَّمَا تُبْتَنَى هَذِهِ الْفُصُولُ كُلُّهَا عَلَى الْحَرْفِ الَّذِي بَيَّنَّا.

قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَرَفَ أَنَّهُ جُنَّ مَرَّةً فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: إنَّهُ ارْتَدَّ الْبَارِحَةَ أَوْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا، فَقَالَ الرَّجُلُ عَاوَدَنِي الْجُنُونَ الْبَارِحَةَ فَقُلْت ذَلِكَ، وَأَنَا مَجْنُونٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ إذَا وُجِدَ مَرَّةً فَهُوَ لَازِمٌ أَبَدًا، وَلِهَذَا كَانَ عَيْبًا لَازِمًا إذَا وُجِدَ مَرَّةً فِي حَالَةِ الصِّغَرِ أَوْ الْكِبْرِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ فِي حَمَالِيقِ عَيْنَيْ الَّذِي جُنَّ مَرَّةً تَبَيَّنَ لَهُ بَقَاءُ أَثَرِ الْجُنُونِ فِيهِ، فَهُوَ بِهَذِهِ الدَّعْوَى إنَّمَا يُضِيفُ كَلَامَهُ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ.

<<  <   >  >>