للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَصْدُ الْمَيِّتِ مِنْ هَذَا أَنْ يُصْرَفَ ثُلُثُهُ إلَى جِهَةِ الْغَزْوِ، فَيُصْرَفُ إلَى مَا نَوَاهُ وَقَصَدَهُ، وَيَكُونُ مَا يُعْطُونَ مِنْ ذَلِكَ لَهُمْ، حَتَّى إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعْدَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ، كَانَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، إنْ شَاءُوا خَرَجُوا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يَخْرُجُوا؛ لِأَنَّ هَذَا جَعَلَ ثُلُثَ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ، وَالصَّدَقَةُ تَمْلِيكٌ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] . إلَى أَنْ قَالَ: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] .

وَتِلْكَ الصَّدَقَةُ شَرْطُ صِحَّتِهَا التَّمْلِيكُ، فَكَذَلِكَ الثُّلُثُ إذَا جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ صَدَقَةَ تَمْلِيكٍ، وَالصَّدَقَةُ تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا قَبَضَ صَارَ لَهُ، فَإِذَا مَاتَ مِيرَاثًا عَنْهُ، ثُمَّ الْوَرَثَةُ إنْ شَاءُوا خَرَجُوا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يَخْرُجُوا.

لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِذَلِكَ الْمَالِ عَلَى مَنْ يَمْلِكُ صَارَ مَعْنَى الصَّرْفِ إلَى الْغَزْوِ كَالْمَشُورَةِ مِنْ الْمَيِّتِ كَرَجُلٍ يُعْطِي مَالَهُ فِي حَيَاتِهِ إلَى رَجُلٍ وَيَقُولُ: هُوَ لَك تَحُجُّ بِهِ أَوْ تَغْزُو بِهِ، كَانَ ذَلِكَ مَشُورَةً مِنْهُ. .

- وَكَذَلِكَ إذَا أَعْطَاهُ دَارًا وَقَالَ: هِيَ لَك تَسْكُنُهَا، كَانَ قَوْلُهُ تَسْكُنُهَا مَشُورَةً مِنْهُ، وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْمَالَ إلَى غَيْرِ مَا أَمَرَ الْمُعْطِي، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا لِمَا تَمَلَّكَهُ بِالْقَبْضِ صَارَ لَهُ، وَلِوَارِثِهِ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ يُعْطِي مِنْهَا

<<  <   >  >>