للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَجُلًا فَقِيرًا شَيْئًا، فَقَضَى بِبَعْضِهِ دَيْنًا، وَتَرَكَ بَعْضَهُ نَفَقَةً لِعِيَالِهِ، وَخَرَجَ بِبَعْضِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَا بَأْسَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ أَمْرِ الْغَزْوِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَخْرُجَ غَازِيًا إلَّا بِأَنْ يَخْلُفَ لِعِيَالِهِ نَفَقَتَهُ، وَيَقْضِيَ غَرِيمَهُ دَيْنًا، وَيَخْرُجَ بِبَعْضِهِ لِيَكُونَ لَهُ نَفَقَةً فِي الطَّرِيقِ، فَهَذَا هُوَ الْغَزْوُ الْمَعْرُوفُ فَلَا يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ.

وَإِنْ أَعْطَاهَا حَاجًّا مُنْقَطِعًا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْحَاجِّ الْمُنْقَطِعِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ طَاعَةُ اللَّهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ كُلُّ خَيْرٍ وَطَاعَةٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: رَجُلٌ أَوْصَى إلَيَّ بِوَصِيَّةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَجْعَلُهَا فِي الْحَجِّ؟ قَالَ: الْحَجُّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ.

وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ سَيْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَعْضَ الْحَاجِّ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُحْتَاجَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ إذَا أُطْلِقَ يُرَادُ بِهِ الْغَزْوُ وَالْجِهَادُ دُونَ غَيْرِهِ، فَكَانَ صَرْفُهُ إلَيْهِ أَوْلَى، وَنَظِيرُهُ مَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا. رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُقَرَاءِ مَكَّةَ، يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ ثُلُثُهُ إلَى غَيْرِ فُقَرَاءِ مَكَّةَ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ صَرْفُهُ إلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ.

- وَذُكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ الشَّيْءَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: إذَا بَلَغَ رَأْسَ مَغْزَاةٍ فَهُوَ لَهُ. فَالْمَغْزَاةُ أَرَادَ بِهِ الثَّغْرَ الَّذِي يَكُونُ بِقُرْبٍ مِنْ

<<  <   >  >>