للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَصُرِفَ الْكُلُّ إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُصْرَفَ إلَى الِاثْنَيْنِ. وَلَوْ دَفَعَ زَكَاةَ الْمَالِ كُلِّهِ إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ الْوَاحِدَ مَحَلٌّ لِصَرْفِ الْكُلِّ إلَيْهِ، فَكَانَ مَحَلًّا لِصَرْفِ الزِّيَادَةِ إلَيْهِ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْقُوتِ يَكُونُ مَا يَأْخُذُ لَهُ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَمْلِيكٌ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - جَعَلَ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَتِلْكَ الصَّدَقَةُ شَرْطُ صِحَّتِهَا التَّمْلِيكُ، كَذَلِكَ هَا هُنَا، وَالصَّدَقَةُ تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا قَبَضَ صَارَتْ لَهُ. فَإِنْ خَلَّفَ لِنَفَقَةِ أَهْلِهِ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ جَازَ، وَإِنْ قَضَى بِهَا حَوَائِجَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ.

لَكِنْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تَحْصِيلًا لِمُرَادِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ خَرَجَ بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ رَجَعَ وَفِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ.

لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ إلَى الْجِهَادِ كَانَ لَهُ، فَإِذَا رَجَعَ وَبَقِيَ فَضْلٌ بَعْدَ رُجُوعِهِ كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فَضْلٌ عَنْ مِلْكِهِ، وَإِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ.

٤١٥٦ - قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى مِنْهُ غَنِيًّا يَغْزُو بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

<<  <   >  >>