للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا كَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ الثَّانِي؛ لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلَمَّا سَلَّمَهُ إلَى الثَّانِي فَقَدْ زَالَتْ يَدُهُ وَصَارَ الْيَدُ لِلثَّانِي، فَكَانَ هُوَ أَوْلَى بِإِمْسَاكِهِ مِنْ الْأَوَّلِ.

٤١٩٤ - فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْفَرَسِ شَرَطَ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ رَجَعَ إلَى الْغَزْوِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ. (كَانَ هَذَا الشَّرْطُ جَائِزًا) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْفَرَسِ هَكَذَا شَرَطَ فَيُرَاعَى شَرْطُهُ كَمَا فِي الْوَقْفِ إذَا جَعَلَهُ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ، فَإِنْ اسْتَغْنَوْا فَهُوَ لِفُلَانٍ فَإِنْ احْتَاجَ الْأَوْلَادُ دَخَلُوا فِي الْوَقْفِ ثَانِيًا جَازَ، وَكَانَ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَهُ، كَذَلِكَ هَا هُنَا.

٤١٩٥ - وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَبَسَ فَرَسًا أَوْ أَرْضًا أَوْ جَعَلَهَا وَقْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ هِيَ مَرْدُودَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا الَّذِي حَبَسَهَا، أَوْ عَلَى وَرَثَتِهِ إنْ هَلَكَ أَوْ جَعَلَ حَبِيسًا عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، عَلَى أَنَّهُمْ إنْ هَلَكُوا رَجَعَ الْحَبِيسُ عَلَى الَّذِي حَبَسَهَا، كَانَ هَذَا حَبْسًا بَاطِلًا، لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ مَاتَ كَانَ ذَلِكَ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَبِّدْ الْحَبْسَ.

وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ التَّأْبِيدَ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّأْبِيدُ مِنْ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، فَيُعْتَبَرُ بِالصَّدَقَةِ الْمَمْلُوكَةِ، وَالصَّدَقَةُ الْمَمْلُوكَةُ لَا يَجُوزُ تَوْقِيتُهَا، فَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ الْمَوْقُوفَةُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ الْوَقْفُ مُؤَقَّتًا وَمُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّ فِي هَذَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ، وَقَدْ جَازَ مُؤَبَّدًا، فَلَأَنْ يَجُوزَ مُؤَقَّتًا أَوْلَى.

<<  <   >  >>