لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ كَامِلٌ.
٤٢٤٢ - وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانِ تَاجِرٍ فَعَشَرَهُ عَاشِرُ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ آخَرَ لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَعْشِرْهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ حَتَّى تَمْضِيَ، فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ عَشَرَهُ مَرَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ يَتَرَدَّدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَحُكْمُ ذَلِكَ الْأَمَانِ بَاقٍ، وَلَمْ يَنْتَهِ حُكْمُ ذَلِكَ الْخُرُوجِ، فَصَارَ كَالذِّمِّيِّ يَتَرَدَّدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَالذِّمِّيُّ لَا يَعْشِرُهُ الْعَاشِرُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ مَرَّ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِرَارًا، فَكَذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ.
يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الرُّومِ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَعَهُ فَرَسٌ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَلْفًا فَطَلَبَ مِنْهُ الْعَاشِرُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَأَبَى، فَلَمْ يَأْخُذْ الْفَرَسَ، وَأَخَذَ الْعُشْرَ ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ رَاجِعًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْعُشْرَ ثَانِيًا فَأَبَى، فَجَاءَ مُتَظَلِّمًا إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَوَجَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ وَوَقَفَ عَلَى بَابِهِ، وَقَالَ هُوَ الشَّيْخُ النَّصْرَانِيُّ، وَأَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَتَى الشَّيْخُ الْحَنِيفِيُّ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، كُفِيت. فَظَنَّ النَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى كَلَامِهِ، فَرَجَعَ كَالْآيِسِ، فَلَمَّا أَتَى الْعَاشِرَ سَبَقَهُ كِتَابُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَلَّا يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَخْبَرَهُ الْعَاشِرُ بِالْكِتَابِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَتَعَجَّبَ النَّصْرَانِيُّ مِنْ عَدْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَأَسْلَمَ.
٤٢٤٣ - وَلَوْ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْمُسْلِمِينَ فَعَشَرَهُ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ الْغَدِ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَجَعَ بِمَالِهِ ذَلِكَ مُسْتَأْمَنًا عَشَرَهُ الْعَاشِرُ مَرَّةً أُخْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute