للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَقَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَمَانِ، وَانْتَهَى حُكْمُ ذَلِكَ الْخُرُوجِ، فَإِنَّمَا دَخَلَ بِأَمَانٍ جَدِيدٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَخَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، أَوْ نَزَلَ مَنْزِلَهُ حَرْبِيٌّ آخَرُ، فَلِهَذَا يَعْشِرُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ.

٤٢٤٤ - فَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الْحَرْبِيُّونَ الَّذِينَ اسْتَأْمَنُوا لَا يَعْشِرُونَ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلُوا إلَيْهِمْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي السَّنَةِ، وَإِنْ دَخَلَ وَخَرَجَ مِرَارًا، لَمْ يَعْشِرُوا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. لَمَّا قُلْنَا إنَّ الْأَمْرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَلَى الْمُجَازَاةِ وَالْمُكَافَأَةِ.

٤٢٤٥ - وَإِنْ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ خَمْرٌ أَوْ خَنَازِيرُ عَشَرَ الْخَمْرَ وَلَمْ يَعْشِرْ الْخَنَازِيرَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَ عُشْرَ الْخَمْرِ دَرَاهِمَ يُقَوَّمُ قِيمَتُهُ ثُمَّ يُعْطِيهِ قِيمَةَ الْعُشْرِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ دَرَاهِمُ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْخَمْرِ مَا يُعْطِيهِ قِيمَةَ الْعُشْرِ دَرَاهِمَ، وَهَذَا عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَعْشِرُ الْخَمْرَ وَلَا الْخَنَازِيرَ.

وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، وَالْعَاشِرُ مُسْلِمٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَكَمَا إذَا مَرَّ بِخِنْزِيرٍ وَنَزَلَ الذِّمِّيُّ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مُسْلِمٍ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ تَجَمَّدَ؛ وَلِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ يَجْرِيَانِ مَجْرًى وَاحِدًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ أَجْمَعْنَا أَنَّهُ لَا يَعْشِرُ الْخِنْزِيرَ فَكَذَلِكَ لَا يَعْشِرُ الْخَمْرَ، وَالْحُجَّةُ لَنَا فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. جَمَعَ عُمَّالَهُ بِالْمَوْسِمِ وَقَالَ لَهُمْ:

<<  <   >  >>