لِأَنَّ الْأَمِيرَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى جُنْدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْغَنِيمَةِ أَوْ الْمَنِّ حَقٌّ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ صَارَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةً، وَالْعُشْرُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ صَارَتْ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً، وَالْخَرَاجُ لِلْمُقَاتِلَةِ وَلِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْقِسْمَةَ أَوْ الْمَنَّ تَصَرُّفٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ هُوَ الْخَلِيفَةُ دُونَ الْأَمِيرِ.
٤٣١٨ - وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ دُونَ الْخَلِيفَةِ مِنْ الْأُمَرَاءِ بَعْدَمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْتُلَ مُقَاتِلَتَهُمْ إذَا كَانَ غَلَبَهُمْ وَأَسَرَهُمْ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ نَوْعٌ مِنْ الْمَنِّ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَانِمِينَ.
٤٣١٩ - وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمُنَّ قَبْلَ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْخَلِيفَةِ، فَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ إذْ يَكُونُ الْقَتْلُ مُعْتَبَرًا بِالْقِسْمَةِ، وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَتْلِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَمِيرُ لَا يَخَافُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَانِبِهِمْ، أَوْ يَخَافُ أَنْ يَأْتِيَهُ جُنْدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيَكُونُ الْأُسَرَاءُ عَوْنًا عَلَيْهِمْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ رِجَالَهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْخَلِيفَةِ. لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُهُمْ فَقَتَلَهُمْ مِنْ الْمُحَارَبَةِ، فَكَانَ قَتْلُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَفِي الْحَرْبِ سَوَاءً، وَنَظِيرُهُ مَا قُلْنَا إذَا أَسَرَ أَهْلُ الْعَدْلِ أُسَرَاءَ مِنْ الْخَوَارِجِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute