وَالْأَسِيرِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، فَأَمَّا فِي الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ فَتْحِ الْحِصْنِ فَكَذَلِكَ يَسْتَقِيمُ الْجَوَابُ، عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمَالَ إلَيْهِ فَأَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ لَهُ فَإِنَّ الْجَوَابَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْجَوَابُ وَيَكُونُ فَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِلْكًا لَهُ وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ فَيْئًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ فَيْئًا فَيَكُونُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَهَا هُنَا لَمْ نَعْرِفْ أَنَّهُ فِي يَدِ هَذَا الْمُسْلِمِ وَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِلْكُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ فَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَكُونُ فَيْئًا.
٤٣٧٢ - فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ كَانُوا فِي يَدِهِ حِينَ افْتَتَحَ الْحِصْنَ أَوْ فِي مَنْزِلِهِ، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُمْ عَبِيدُهُ وَإِمَاؤُهُ وَهُمْ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا لَهُ وَإِمَاءَهُ، وَقَالُوا: كُنَّا أَحْرَارًا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِذَلِكَ وَكَانُوا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.
لِأَنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا لِلْمُدَّعِي إلَّا مُجَرَّدَ الْيَدِ، وَالْيَدُ فِي بَنِي آدَمَ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى الْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مَمْلُوكًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ صَبِيٌّ صَغِيرٌ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ رَجُلٌ بَالِغٌ، فَزَعَمَ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَقَالَ الصَّبِيُّ: لَا بَلْ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ أَنَّهُ حُرٌّ، وَلَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ ذِي الْيَدِ، وَفُلَانٌ يَدَّعِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي الْعَبْدُ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَقِبَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ رَأَيْته فِي يَدِ غَيْرِك، وَسِعَك أَنْ تَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لَهُ، مَا خَلَا الْعَبْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute