وَالْفَرْقُ) بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: وَجَدْتهمْ أُسَرَاءَ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ جَعَلُوهُمْ تَبَعًا لِأَنْفُسِهِمْ عَبِيدًا، وَهَذَا مِنْهُ شَهَادَةٌ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَهِدَ أَنَّهُمْ كَانُوا حَرْبِيِّينَ وَأَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرُوا، وَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَتُقْبَلُ، إذَا كَانَ عَدْلًا، وَلَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ فَاسِقًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِيمَا إذَا قَالَ: جِئْت بِهِمْ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَيُصَدَّقُ فِيهِ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا، لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّا، وَأَمَّا أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ فَلَا يَكُونُونَ فَيْئًا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ صَارَ فِي يَدِهِ تَبَعًا فَيَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ، أَوْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُونَ أَحْرَارًا بِحُكْمِ السِّيمَاءِ، لَا بِقَوْلِ الْفَاسِقِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ.
٤٤٠٢ - وَلَوْ أَخَذَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ سِيمَاءُ يُعْرَفُونَ بِهَا مِنْ لِبَاسٍ وَلَا خِضَابٍ وَلَا قِرَاءَةِ قُرْآنٍ فَشَهِدَ لَهُمْ بِمَا ادَّعَوْا مِنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْحَرْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُمْ، أَوْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَوْ قَوْمٌ مُسْتَأْمَنُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْحَرْبِ إلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُقْبَلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَكَانُوا فَيْئًا.
لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْهُمْ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَفِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، وَكُلُّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ مَرْدُودَةٌ.
٤٤٠٣ - فَإِنْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ مَشْهُودٌ مَعْرُوفٌ يَشْهَدُ عَلَيْهِ الْعَوَامُّ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَيَقَعُ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ حَقٌّ فَالْقَوْمُ أَحْرَارٌ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute