لِأَنَّ الْإِشْهَادَ بِخَبَرِ الْعَوَامّ يُوجِبُ مِنْ الْعِلْمِ أَكْثَرَ مِمَّا تُوجِبُهُ السِّيمَاءُ وَالْعَلَامَةُ.
لِأَنَّ الْعَوَامَّ مِنْهُمْ لَا يَتَوَاطَئُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَالسِّيمَاءُ قَدْ تَخْتَلِفُ، ثُمَّ بِالسِّيمَاءِ يَحْكُمُ بِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ فَبِالشُّهْرَةِ أَوْلَى.
أَلَا تَرَى أَنَّ مُسْلِمًا غَرِيبًا لَوْ نَزَلَ فِي قَوْمٍ مُسْلِمِينَ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ لَمْ يَسَعْ لِأَحَدٍ مِنْ الْقَوْمِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَسَبِهِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَارِفُهُ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ حَتَّى صَارَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا وَوَقَعَ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ صَادِقٌ وَسِعَ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى نَسَبِهِ لِاشْتِهَارٍ وَقَعَ بِخَبَرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ الْإِسْلَامُ إذَا اُشْتُهِرَ بِقَوْلِهِمْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ.
٤٤٠٤ - وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَسَرَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ سِيمَاءُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَا أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ، أَوْ أَهْلُ ذِمَّةٍ، فَلَمْ يُصَدَّقُوا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَدَّعُوا ذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجَهُمْ الْإِمَامُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَقْسِمْهُمْ وَلَمْ يَبِعْهُمْ حَتَّى شَهِدَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَدْلٌ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، أَوْ أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ صُدِّقَ بِشَهَادَتِهِ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ، وَشَهَادَتُهُ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ.
لِأَنَّ نَفْسَ الْإِخْرَاجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَجْعَلُهُ مِلْكًا لِرَجُلٍ خَاصٍّ فَلَمْ يَتَأَكَّدْ ذَلِكَ الْحَقُّ الثَّابِتُ الْعَامُّ، فَالشَّهَادَةُ وَقَعَتْ عَلَى إسْلَامِهِ وَالْحَقُّ فِيهِ لِلْجَمَاعَةِ، فَتُقْبَلُ كَمَا تُقْبَلُ إذَا وَقَعَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute