للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الَّذِي آمَنَهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ الَّذِي عَقَدَهُ، فَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ وَيَبْقَى بَعْدَ مُجَرَّدِ دَعْوَى الْحَرْبِيِّ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَلَا يُصَدَّقُ.

٤٤٠٩ - وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ مُسْلِمٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُقْبَلُ وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ، وَهَا هُنَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ عَدْلٌ غَيْرُ الَّذِي آمَنَهُ عَلَى الْأَمَانِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ.

وَوَجْهُ الْفَرْقِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الْأَمَانَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَرْبِيًّا، فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ وَإِنْ أُومِنَ فَهُوَ حَرْبِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، إلَّا أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَارِضٌ يَمْنَعُ حُكْمَ هَذَا السَّبَبِ وَيُبْطِلُهُ فَلَا يُبْطِلُ حُكْمَ السَّبَبِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، فَأَمَّا الْإِسْلَامُ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَلَمَّا ادَّعَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَقَدْ أَنْكَرَ سَبَبَ قِيَامِ الرِّقِّ فِيهِ وَكَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ فَشَهَادَةُ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ.

٤٤١٠ - فَإِنْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَهُمْ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ وَهُمْ عُدُولٌ غَيْرُ فُسَّاقٍ أُمْضِيَتْ شَهَادَتُهُمْ.

لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْكَثِيرَةَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِمْ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، لِأَنَّهُمْ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ لَفَشَا سِرُّهُمْ، فَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ يُوجِبُ الْعِلْمَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ فَيُحْكَمُ بِهِ كَمَا يُحْكَمُ بِالسِّيمَاءِ الَّتِي تُوجِبُ الْعِلْمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ.

٤٤١١ - فَإِذَا قُسِمَ أَوْ بِيعَ فَإِذَا وَجَبَ فِيهِ مِلْكٌ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ مُسْلِمِينَ عَدْلَيْنِ.

<<  <   >  >>