للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِمَا مَرَّ.

٤٤١٢ - وَإِذَا وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَيْسَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا سِيمَاءُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ ذِمِّيٌّ، وَشَهِدَ لَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ عَدْلٌ، أَنَّهُ مُسْلِمٌ كَانَ الرَّجُلُ الْمَأْخُوذُ فَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَلَا ذِمِّيًّا.

لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ الْمَأْخُوذُ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ الشَّاهِدُ، وَاَلَّذِي شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فَقَدْ كَذَّبَهُ فِيهِ الْمَأْخُوذُ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَا الْإِسْلَامُ وَلَا الذِّمَّةُ فَبَقِيَ حَرْبِيًّا يُسْتَرَقُّ.

٤٤١٣ - وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمُ الْعَدْلُ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ، وَقَالَ الْمَأْخُوذُ: أَنَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ وَلَسْت كَمَا قَالَ الشَّاهِدُ، فَالْقِيَاسُ فِي هَذَا أَنَّهُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ أَجْعَلُهُ مُسْلِمًا وَلَا أَسْبِيهِ.

فَوَجْهُ الْقِيَاسِ فِيهِ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي السَّبَبِ، فَمَا ادَّعَاهُ الْمَأْخُوذُ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ الشَّاهِدُ، فَلَمْ يَثْبُتْ وَمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ الشَّاهِدُ لَمْ يَدَّعِهِ الْمَأْخُوذُ، فَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيَكُونُ فَيْئًا دَلِيلُهُ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، لِأَنَّ الذِّمِّيَّ قَدْ يُسْلِمُ بَعْدَ الذِّمَّةِ، فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ كَانَ ذِمِّيًّا كَمَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْحَالِ، فَلَمَّا كَانَ التَّوْفِيقُ مُمْكِنًا يُوَفِّقُ، فَأَمَّا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي التَّوْفِيقُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، لِأَنَّ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ ذِمَّةً فَاعْتُبِرَ التَّكَاذُبُ فِي السَّبَبِ، وَلِأَنَّ فِي الْإِسْلَامِ ذِمَّةً وَزِيَادَةً لِأَنَّ الذِّمَّةَ هِيَ الْعَهْدُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَخْفَرَ ذِمَّةَ مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا» غَيْرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْلَى الذِّمَّتَيْنِ، فَإِنَّ شَاهِدَهُ قَدْ شَهِدَ بِبَعْضِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي.

وَالشَّاهِدُ إذَا شَهِدَ بِبَعْضِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ

<<  <   >  >>