للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِمَا قُلْنَا: إنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ الدُّعَاءُ إلَى الْإِسْلَامِ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمُوا خَلَّى سَبِيلَهُمْ.

لِأَنَّهُمْ غَيْرُ رَاغِبِينَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَصَارُوا كَأَنَّهُمْ وَقَعُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مَا أَسْلَمُوا، فَيَجِبُ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهِمْ وَرَدُّ أَمْوَالِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ.

٤٤٣٤ - فَإِنْ أَبَوْا الْإِسْلَامَ جَعَلَهُمْ ذِمَّةً يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ، وَلَمْ يَرُدَّهُمْ حَرْبًا بَعْدَ مَا ظَفِرَ بِهِمْ.

لِمَا قُلْنَا: إنَّ الْإِمَامَ قَاتَلَهُمْ، وَالْقِتَالُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ، فَصَارُوا فِي عِصْمَةٍ وَأَمَانٍ فَلَا يُغْنَمُونَ.

٤٤٣٥ - فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ قِسْمَتَهُمْ أَوْ قَتْلَ مُقَاتِلَتِهِمْ فَفَعَلَ ذَلِكَ. ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ يَرَى مَا صَنَعَ بَاطِلًا

أَجَازَ مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ.

لِأَنَّ الْإِمَامَ حَكَمَ فِيهِمْ بِالْقِسْمَةِ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ، وَلِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ وَكَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سَبَبٌ يَحِلُّ لِحِلِّ قِتَالِهِمْ وَسَبْيِهِمْ إلَّا بِعَارِضٍ، وَذَلِكَ الْعَارِضُ هُوَ الِاسْتِخْبَارُ وَالِاسْتِفْهَامُ، وَهَذَا الْعَارِضُ مَعْدُومٌ، فَقَدْ اُسْتُحِلَّ قِتَالُهُمْ، وَسَبَبُ الِاسْتِحْلَالِ قَائِمٌ، فَكَانَ هَذَا مَوْضِعَ الِاجْتِهَادِ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فَلَا يُنْقَضُ بَعْدَ ذَلِكَ.

٤٤٣٦ - ثُمَّ لَا يَجِبُ ضَمَانُ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَضْمَنُ دِيَاتِ الْقَتْلَى قَبْلَ الدَّعْوَةِ.

<<  <   >  >>