للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُمْ مُتَمَسِّكُونَ بِدِينِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فَيَضْمَنُ الدِّيَةَ، إلَّا أَنَّا نَقُولُ: بِأَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا دِينًا بَاطِلًا، وَاعْتِقَادُ الدِّينِ الْبَاطِلِ كُفْرٌ، فَكَانَ كَافِرًا فَلَا يَجِبُ بِقَتْلِهِ شَيْءٌ، ثُمَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِثْلُ دِيَةِ الْكِتَابِيِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ مِثْلُ دِيَةِ الْمَجُوسِ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ الدِّيَاتِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَصَارَ الْحَرْبِيُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ صِنْفٌ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ، وَلَمْ يُسْلِمُوا؛ أَيْ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى يُجِيبُوا، فَهَؤُلَاءِ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ الدَّعْوَةَ فَإِنْ قَتَلَهُمْ وَسَبَاهُمْ قَبْلَ الدَّعْوَةِ وَرَأَى ذَلِكَ صَوَابًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ، وَإِنْ أَسْلَمُوا، وَقَوْمٌ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ، أَوْ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَا تَفْسِيرُهُ، فَسَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُخْبِرُوهُمْ بِدِينِهِمْ فَيُتَابِعُوهُمْ عَلَيْهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُمْ وَيَأْسِرَهُمْ حَتَّى يُفْهِمَهُمْ، فَإِنْ أَسَرَهُمْ ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمُوا فَإِنَّهُ يَرُدُّ تِلْكَ الْقِسْمَةَ، وَقَوْمٌ قَدْ دُعُوا إلَى الْإِسْلَامِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَعَلِمُوا مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ، فَسَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُجِيبُوهُمْ، فَالْأَفْضَلُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَدْعُوهُمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ حَتَّى قَاتَلُوهُمْ وَأَسَرُوهُمْ جَازَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُرَدُّونَ أَحْرَارًا بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ جِهَتِهِمْ وَإِنْ أَسْلَمُوا.

٤٤٣٧ - قَالَ: وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغْهُمْ الْإِسْلَامُ وَلَا الدَّعْوَةُ أَتَوْا الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِهِمْ يُقَاتِلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ لِيَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ وَسَبَوْا وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَهَذَا جَائِزٌ يُخَمَّسُ ذَلِكَ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ مَنْ أَصَابَهُ.

<<  <   >  >>