لِأَنَّ فِي هَذَا الْأَمْرِ نَظَرًا لِصَاحِبِهَا بِإِحْيَاءِ مِلْكِهِ وَإِمْسَاكِهِ عَلَيْهِ، وَالدَّابَّةُ لَا تَبْقَى بِدُونِ النَّفَقَةِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَرْضَى بِالتَّبَرُّعِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ. وَلِلْأَمِيرِ وِلَايَةُ النَّظَرِ لِكُلِّ مَنْ عَجَزَ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ مِنْ الْجُنْدِ، فَكَانَ أَمْرُهُ بِذَلِكَ كَأَمْرِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ حِينَ صَدَرَ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ.
- فَإِنْ قَالُوا: أَنْفَقْنَا عَلَيْهَا بَعْدَ الْأَمْرِ كَذَا، وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهَا، وَقَالَ صَاحِبُهَا: لَمْ يُنْفِقُوا عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبُهَا.
لِأَنَّهُمْ يَدَّعُونَ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا لِأَنْفُسِهِمْ وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بَعْدَ مَا يَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ، لِأَنَّهُ اسْتِحْلَافٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، وَهُوَ إنْفَاقُهُمْ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الثَّبَاتِ.
- فَإِنْ أَقَامُوا شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَوْا، أَوْ كَانَ إنْفَاقُهُمْ بِعِلْمِ الْأَمِيرِ رَجَعُوا عَلَى صَاحِبِهَا. وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ لِثُبُوتِ مَا ادَّعَوْا بِحُجَّةٍ حُكْمِيَّةٍ: وَذَلِكَ عِلْمُ الْأَمِيرِ أَوْ شَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ.
- فَإِنْ كَانُوا - حِينَ رَفَعُوهَا إلَى الْأَمِيرِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ وَجَدُوهَا - لَا يَدْرُونَ لِمَنْ هِيَ. إنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَبِيعَهَا فَبَاعَهَا جَازَ. لِأَنَّ ذَلِكَ نَظَرٌ مِنْهُ لِصَاحِبِهَا. فَالْإِنْفَاقُ رُبَّمَا يَأْتِي عَلَى مَالِيَّتِهَا، وَحِفْظُ ثَمَنِهَا أَيْسَرُ مِنْ حِفْظِ عَيْنِهَا. وَلِلْأَمِيرِ وِلَايَةُ النَّظَرِ عَلَى جُنْدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute