حَاصِلٌ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُسَلِّمُ هَذَا الْأَصْلَ فِيمَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ: يُقَامُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ بِاعْتِبَارِ تَفْوِيتِ ثَمَرَاتِ الْمِلْكِ عَلَى الْمَالِكِ، كَمَا تُشْتَرَطُ الْإِشَارَةُ فِي الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةِ إلَى الْعَيْنِ فِيمَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي، ثُمَّ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ يُقَامُ ذِكْرُ الْحُدُودِ مَقَامُهُ لِلتَّيْسِيرِ.
- وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَأَنْزَلَهُ كُرْهًا وَأَلْحَقَهُ بِالْعَسْكَرِ لَمْ يَضْمَنْ دَابَّتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ فِيهَا شَيْئًا، إنَّمَا صَنَعَهُ فِي صَاحِبِهَا.
- وَإِنْ أَخَذَ صَاحِبُ السَّاقَةِ الرَّجُلَ فَأَلْحَقَهُ بِالْعَسْكَرِ وَتَرَكَ دَابَّتَهُ فَمَرَّ بِهَا سَرِيَّةٌ كَانُوا عَلَى إثْرِهِمْ فَعَلَفُوهَا وَقَامُوا عَلَيْهَا حَتَّى أَلْحَقُوهَا بِالْعَسْكَرِ، ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا.
لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَيَكُونُ أَحَقُّ بِهِ. وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقُوا، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ. وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا. وَحُكِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَهُ رُمْحٌ طَوِيلٌ. وَكَانَ إذَا شَقَّ عَلَيْهِ حَمْلُهُ أَلْقَاهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَمُرُّ بِهِ بَعْضُ الْأَعْرَابِ مِمَّنْ يَكُونُ فِي آخِرِ الْعَسْكَرِ فَيَأْخُذُهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ قِصَّتَهُ، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْمَنْزِلَ، فَيَجِيءُ الزُّبَيْرُ وَيَقُولُ: جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا فِيمَا حَمَلْت مِنْ رُمْحِي. فَيَأْخُذُهُ. فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
- فَإِنْ كَانُوا حِينَ أَتَوْا بِهَا الْعَسْكَرَ أَخْبَرُوا الْأَمِيرَ خَبَرَهَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَيْهَا حَتَّى يَجِدُوا صَاحِبَهَا فَفَعَلُوا ذَلِكَ، ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا، أَخَذَهَا وَأَعْطَاهُمْ مَا أَنْفَقُوا بَعْدَ أَمْرِ الْأَمِيرِ (٥٨ ب) . وَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا مِمَّا أَنْفَقُوا قَبْلَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute