وَإِنْ خَرَجُوا إلَى الْعَسْكَرِ يَنْتَظِرُونَ أَنْ يَخْرُجَ الْأَمِيرُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَا يَعْزِمُ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى مَنْزِلِهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَإِنْ أَقَامَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ شَهْرًا. لِأَنَّهُ صَارَ مُسَافِرًا حِينَ فَارَقَ عُمْرَانَ مِصْرِهِ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ.
وَإِنْ كَانَ مِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَنْزِلِهِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ. لِأَنَّ عَزْمَهُ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ إذَا كَانَ هُوَ فِي فِنَائِهَا بِمَنْزِلَةِ مَقَامِهِ فِي جَوْفِهَا، فَيُتِمُّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَدِينَةِ رَاجَعَا إلَى الْعَسْكَرِ. وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إلَى أَهْلِهِ حَتَّى يَغْزُوَ، فَإِذَا جَعَلَهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ قَصَرَ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَافِرًا بِهَذَا الْخُرُوجِ. وَإِنْ عَزَمُوا عَلَى الْإِقَامَةِ فِي الْمُعَسْكَرِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَتَمُّوا الصَّلَاةَ لِأَنَّهُمْ نَوَوْا الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِهَا، فَإِنَّ فِنَاءَ الْمِصْرِ كَجَوْفِ الْمِصْرِ فِي صِحَّةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ.
- وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ الْبَعِيدَةِ قَصُرُوا الصَّلَاةَ إلَى أَنْ يَنْتَهُوا إلَى الْمَدِينَةِ الْقَرِيبَةِ فَقَالَ الْوَالِي: إنَّ الْخَلِيفَةَ كَتَبَ إلَيَّ أَنْ تَغْزُوَا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا مِنْ مَدِينَتِكُمْ إلَيَّ فَصَلَاتُهُمْ الَّتِي أَدَّوْهَا تَامَّةً لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسَافِرِينَ وَمَا لَمْ يَعْرِفُوا فَسْخَ الْوَالِي عَزِيمَةَ السَّفَرِ لَا يَصِيرُونَ مُقِيمِينَ، لِأَنَّ التَّكْلِيفَ يَثْبُتُ بِحَسَبِ الْوُسْعِ ثُمَّ عَلَيْهِمْ مِنْ حِينَ سَمِعُوا هَذَا الْخَبَرِ أَنْ يُتِمُّوا الصَّلَاةَ لِأَنَّهُمْ عَزَمُوا عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِمْ الْأَصْلِيِّ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ وَطَنِهِمْ (٦٤ آ) مَسِيرَةُ يَوْمٍ فَكَانُوا مُقِيمِينَ فِي الْحَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute