للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَإِنْ سَمِعَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَعَلَى الَّذِينَ سَمِعُوا أَنْ يُتِمُّوا الصَّلَاةَ، وَقَصَرَ الَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا، فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إعَادَتُهَا.

لِأَنَّ مَا يَبْتَنِي عَلَى السَّمَاعِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِ مَا لَمْ يَسْمَعْ بِهِ أَصْلُهُ خِطَابُ الشَّرْعِ، وَهَذَا لِأَنَّ حُكْمَ الْخِطَابِ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُخَاطَبَ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ السَّمَاعِ. فَكَانُوا مُسَافِرِينَ مَا لَمْ يَسْمَعُوا السَّبَبَ الَّذِي هُوَ فَاسِخٌ لِعَزِيمَةِ سَفَرِهِمْ.

- فَإِنْ كَانَ وَالِي الْمَدِينَةِ الْقَرِيبَةِ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْبَعِيدَةِ: مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ الْغَزْوَ فَلْيُوَافِنِي فِي مَوْضِعِ كَذَا، وَلَمْ يُخْبِرْ أَيْنَ يُرِيدُ، وَذَلِكَ الْمَكَانُ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ مِنْ الْمَدِينَةِ الْبَعِيدَةِ، فَإِنَّ أَهْلَهَا يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا أَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ، وَلَعَلَّ مِنْ رَأْيِ الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَبْعَثَ السَّرَايَا وَالْجُيُوشَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَيُتِمُّونَ الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَصِيرُوا مُسَافِرِينَ بِالْقَصْدِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يَصِيرُونَ مُسَافِرِينَ بِالْمَقَامِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَيْضًا.

- فَإِنْ أَخْبَرَهُمْ الْوَالِي بَعْدَ مَا نَزَلُوا ذَلِكَ الْمَكَانَ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ مَسِيرَةَ شَهْرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُمْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ مَا دَامُوا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. لِأَنَّهُمْ حَصَلُوا فِيهِ وَهُمْ مُقِيمُونَ، فَبِمُجَرَّدِ نِيَّةِ السَّفَرِ لَا يَصِيرُونَ مُسَافِرِينَ مَا لَمْ يَرْتَحِلُوا مِنْهُ، بِمَنْزِلَةِ الْمُقِيمِ يَنْوِي السَّفَرَ وَهُوَ فِي مِصْرِهِ.

<<  <   >  >>