للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ تَقْتُلُوهُ؟ فَقَالَ: مَتَى أَمَّنْتُك؟ فَقَالَ: قُلْت لِي تَكَلَّمَ بِكَلَامِ حَيٍّ. وَالْخَائِفُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ حَيًّا. فَقَالَ عُمَرُ: قَاتَلَهُ اللَّهُ أَخَذَ الْأَمَانَ وَلَمْ أَفْطِنْ (٦٩ آ) بِهِ. فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي بَابِ الْأَمَانِ.

- قَالَ: فَإِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ قَوْمًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] . لِأَنَّ الْأَمَانَ كَانَ بِاعْتِبَارِ النَّظَرِ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ لِيَحْفَظُوا قُوَّةَ أَنْفُسِهِمْ، وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَإِذَا انْقَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ كَانَ النَّظَرُ وَالْخَيْرِيَّةُ فِي النَّبْذِ إلَيْهِمْ، لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ قِتَالِهِمْ بَعْدَ مَا ظَهَرَتْ لَهُمْ الشَّوْكَةُ. وَالنَّبْذُ لُغَةً هُوَ الطَّرْحُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: ١٨٧] .

- وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ طَرْحُ الْأَمَانِ بِإِعْلَامِهِمْ وَإِعَادَتِهِمْ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَمَانِ، حَتَّى إنْ كَانُوا لَمْ يَبْرَحُوا حِصْنَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِقِتَالِهِمْ بَعْدَ الْإِعْلَامِ. لِأَنَّهُمْ فِي مَنَعْتهمْ، فَصَارُوا كَمَا كَانُوا.

- وَإِنْ نَزَلُوا وَصَارُوا فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ آمِنُونَ حَتَّى يَعُودُوا إلَى مَأْمَنِهِمْ كَمَا كَانُوا. لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا بِسَبَبِ الْأَمَانِ، فَلَوْ عَمَلَ النَّبْذُ فِي رَفْعِ أَمَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا مُمْتَنِعِينَ كَانَ ذَلِكَ خِيَانَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ.

<<  <   >  >>