قَالَ: فَخَافَتْ الْيَهُودُ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ، وَلَمْ يَنْطِقُوا بِشَيْءٍ، وَخَافُوا أَنْ يُبَيَّتُوا كَمَا بُيِّتَ ابْنُ الْأَشْرَفِ. وَكَانَ ابْنُ سُنَيْنَةَ مِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ، وَكَانَ حَلِيفًا لِحُوَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ أَخُوهُ مُحَيِّصَةُ قَدْ أَسْلَمَ، فَغَدَا مُحَيِّصَةُ عَلَى ابْنِ سُنَيْنَةَ فَقَتَلَهُ. فَجَعَلَ حُوَيِّصَةُ يَضْرِبُ مُحَيِّصَةَ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ، وَيَقُولُ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ قَتَلْته. أَمَا وَاَللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِك مِنْ مَالِهِ - لِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا - فَقَالَ مُحَيِّصَةُ: وَاَللَّهِ لَوْ أَمَرَنِي بِقَتْلِك الَّذِي أَمَرَنِي بِقَتْلِهِ لَقَتَلْتُك. فَقَالَ لَهُ: لَوْ أَمَرَك مُحَمَّدٌ بِقَتْلَى لَقَتَلْتَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ حُوَيِّصَةُ: وَاَللَّهِ إنَّ دِينًا يَبْلُغُ مِنْك هَذَا لَدِينٌ مُعْجِبٌ. فَأَسْلَمَ حُوَيِّصَةُ يَوْمَئِذٍ وَأَنْشَأَ مُحَيِّصَةُ يَقُولُ:
يَلُومُ ابْنُ أُمِّي لَوْ أُمِرْت بِقَتْلِهِ ... لَطَبَّقْت دَفْرَاه بِأَبْيَضَ قَاضِبٍ
حُسَامٍ كَلَوْنِ الْمِلْحِ أُخْلِصَ صَقْلُهُ ... مَتَى مَا أُصَوِّبُهُ فَلَيْسَ بِكَاذِبِ
وَمَا سَرَّنِي أَنَّى قَتَلْتُك طَائِعًا ... وَلَوْ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ بُصْرَى وَمَأْرَب
ثُمَّ أَعَادَ هَذَا الْحَدِيثَ بِرِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ وَجْهٍ آخَرَ:
٣٦٨ - أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ هُوَ الَّذِي أَتَى ابْنَ الْأَشْرَفِ فَقَالَ. يَا كَعْبُ قَدْ جِئْتُك لِحَاجَةٍ. قَالَ: مَرْحَبًا بِحَاجَتِك. قَالَ: جِئْتُك أَسْتَسْلِفُكَ تَمْرًا. قَالَ: مَا بَغَيْتُكُمْ إلَى مَسْأَلَةِ التَّمْرِ؟ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute