- وَلَوْ أَنَّ عَسْكَرًا نَزَلَ لَيْلًا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَجَاءَ مُشْرِكٌ عَلَى طَرِيقٍ لَا يَعْدُو عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى لَقِيَ أَوَّلَ مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَسَأَلَهُمْ الْأَمَانَ، إلَّا أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، كَانَ آمِنًا. لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا صَارَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُ مُمْتَنِعًا مِنْهُمْ، وَالنِّدَاءُ بِالْأَمَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَسْمَعُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُ مُفِيدًا شَيْئًا، فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهِ. وَذُكِرَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ «مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَانَ عَلَى حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ اللَّيَالِي حِينَ كَانَ مُحَاصِرًا لِبَنِي قُرَيْظَةَ. فَخَرَجَ رَجُلَانِ وَوَجْهُهُمَا نَحْوَهُ. فَلَمَّا وَصَلَا إلَيْهِ قَالَ: مَا الَّذِي جَاءَ بِكُمَا؛ قَالَا: جِئْنَا بِالْأَمَانِ (٧٦ آ) . فَخَلَّى سَبِيلَهُمَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنِي إقَالَةَ عَثَرَاتِ الْكِرَامِ. وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى أَثَرِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُعَاتِبُهُ عَلَى ذَلِكَ» .
- وَلَوْ وَجَدُوا رَجُلًا عَلَيْهِ سِلَاحَهُ فِي مُؤَخَّرِ الْعَسْكَرِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ يُعَارِضُ الْعَسْكَرَ، فَلَمَّا بَصُرُوا بِهِ دَعَا إلَى الْأَمَانِ، كَانَ فَيْئًا، وَلِلْأَمِيرِ أَنْ يَقْتُلَهُ. لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ جَاءَ مُتَجَسِّسًا، أَوْ جَاءَ عَلَى قَصْدِ أَنْ يُبَيِّتَ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِي مِثْلِ هَذَا بِغَالِبِ الظَّنِّ وَالرَّأْيِ.
٣٩٥ - وَإِنْ أَشْكَلَ حَالُهُ وَلَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَأْمَنٌ وَلَا مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ، وَلَمْ يَقَعْ فِي الْقُلُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute