تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ حَالِهِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ أَنْ يَأْخُذَهُ فَيُخْرِجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَيَجْعَلَهُ ذِمَّةً. لِأَنَّ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمُعَارَضَةِ وَانْعِدَامِ التَّرْجِيحِ يَجِبُ الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ، وَمِنْ الِاحْتِيَاطِ أَنْ لَا يَقْتُلَهُ وَلَا يَجْعَلَهُ فَيْئًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ جَاءَ مُسْتَأْمِنًا، وَأَنْ لَا يَرُدَّهُ إلَى مَأْمَنِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ جَاءَ مُغِيرًا، فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ حُرْمَتِهِ بِالْمُحْتَمَلِ، وَلَا يَجُوزُ إرَاقَةُ دَمِهِ بِهِ أَيْضًا. فَيَبْقَى حُرًّا مُحْتَبِسًا فِي دَارِنَا عَلَى التَّأْبِيدِ. فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ حُرٌّ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبَى وُضِعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ. وَكَذَلِكَ الْقَوْمُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُرِيدُونَ دُخُولَ دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُنَادُوا بِالْأَمَانِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُونَ فِيهِ مُمْتَنِعِينَ. فَنَادَوْا بِالْأَمَانِ حِينَ انْتَهَوْا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَهُمْ آمِنُونَ. لِأَنَّهُمْ أَتَوْا بِمَا فِي وُسْعِهِمْ.
- وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ جَاءُوا فَاسْتَأْمَنُوا، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلِمُونَ أَمَّنُوهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُؤَمِّنُوهُمْ. لِأَنَّ أَهْلَ الْمَنَعَةِ فِي دَارِنَا كَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي حُصُونِهِمْ، لِكَوْنِهِمْ مُمْتَنِعِينَ.
٣٩٧ - وَلَوْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute