بِهِمْ أَمْ لَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ لَهُمْ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ عَنْهُمْ، لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا، وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ.
٤٠٧ - فَإِذَا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَى ذَلِكَ الْمَاءِ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ دَوَابِّهِمْ فَلْيَنْبِذُوا إلَيْهِمْ وَيُخْبِرُوهُمْ أَنَّهُمْ فَاعِلُونَ، ثُمَّ يَشْرَبُونَ. وَكَذَلِكَ الْكَلَأُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ. لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُمْ. وَقَدْ أَثْبَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ النَّاسِ شَرِكَةً عَامَّةً فِي الْكَلَأِ وَالْمَاءِ فَلَا تَنْقَطِعُ شَرِكَتُهُمْ بِهَذَا الشَّرْطِ إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِيهِ.
٤٠٨ - فَأَمَّا الزَّرْعُ وَالْأَشْجَارُ وَالثِّمَارُ إذَا أَعْطُوهُمْ أَنْ لَا يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَضَرَّ بِأَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ. لِأَنَّ هَذَا مِلْكٌ (٧٨ آ) لَهُمْ، وَنُفُوذُ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَا بِاعْتِبَارِ الْمَنْفَعَةِ وَالضَّرَرِ، إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِ فَلْيَنْبِذُوا إلَيْهِمْ ثُمَّ يَأْخُذُونَ وَيَأْكُلُونَ وَيَعْلِفُونَ. لِأَنَّ بِهَذَا الشَّرْطِ لَا تَنْعَدِمُ صِفَةُ الْإِبَاحَةِ الثَّابِتَةِ فِي أَمْلَاكِهِمْ، وَلَكِنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ الْغَدْرِ وَاجِبٌ. وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ بِالنَّبْذِ إلَيْهِمْ.
٤٠٩ - وَإِنْ قَالُوا أَعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تُحَرِّقُوا زُرُوعَنَا وَلَا كَلَأَنَا فَأَعْطَيْنَاهُمْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْكُلَ مِنْهُ وَنَعْلِفَ دَوَابَّنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute