إلَيْهِ، وَلَا يُحِبُّونَ أَنْ تَرْعُوهُ، أَوْ لَعَلَّ لَهُمْ مَوَاشِيَ وَلَا يُحِبُّونَ أَنْ تَعْرِضُوا لَهَا. فَإِنْ قَالُوا: نَمُرُّ وَلَا نَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا أَسْهَلَ الطُّرُقِ، قِيلَ لَهُمْ: وَإِنْ لَمْ تَأْخُذُوا شَيْئًا، فَلَعَلَّ الْقَوْمَ يَكْرَهُونَ أَنْ تَرَوْا حُصُونَهُمْ وَمَوَاشِيَهُمْ وَتَعْرِفُوا الطَّرِيقَ إلَيْهِمْ، فَتَأْتُوهُمْ مَرَّةً أُخْرَى. أَوْ تَرَوْنَ لَهُمْ عَوْرَةً مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فَتَغْزُونَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى بِمَا رَأَيْتُمْ مِنْ الْعَوْرَةِ. فَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا الْوَفَاءُ بِمَا قُلْتُمْ أَوْ النَّبْذُ إلَيْهِمْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] .
- وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: أُعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَاءِ نَهْرِنَا فَأَعْطَيْنَاهُمْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ شُرْبُنَا يَضُرُّهُمْ فِي مَائِهِمْ، أَوْ لَا نَعْلَمُ أَيَضُرُّ ذَلِكَ بِمَائِهِمْ أَوْ لَا، فَيَنْبَغِي أَنْ نَفِيَ لَهُمْ بِذَلِكَ. وَإِنْ كُنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِمَاءِ نَهْرِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَشْرَبَ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ وَنَسْقِيَ الدَّوَابَّ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ. لِأَنَّ الشَّرْطَ إنْ كَانَ مُفِيدًا يَجِبُ مُرَاعَاتُهُ. وَمَنْ اشْتَرَطَ مِثْلَهُ يَكُونُ مُتَعَنِّتًا لَا طَالِبَ مَنْفَعَةٍ أَوْ دَافِعَ ضَرَرٍ. فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِهِمْ فَهَذَا شَرْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ فَيُلْغَى. وَإِذَا كَانَ يَضُرُّ بِهِمْ فَهَذَا شَرْطٌ مُفِيدٌ لَهُمْ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ، بِمَنْزِلَةِ مَا يَجْرِي مِنْ الشُّرُوطِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَيَضُرُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute