أَرَأَيْت لَوْ شَرَطُوا أَنْ لَا نُحَرِّقَ مَنَازِلَهُمْ وَلَا نُغْرِقَهَا أَكَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَنْقُضَهَا فَنَذْهَبَ بِخَشَبِهَا وَأَبْوَابِهَا؟ هَذَا لَا يَنْبَغِي. لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا أَنْ لَا نَسْتَهْلِكَهَا عَلَيْهِمْ. إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ التَّنْصِيصُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الِاسْتِهْلَاكِ، وَذَكَرُوا مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَسْبَابِهِ وَهُوَ التَّغْرِيقُ وَالْإِحْرَاقُ.
٤١٥ - وَلَوْ شَرَطُوا أَنْ لَا نَقْتُلَ أَسْرَاهُمْ إذَا أَصَبْنَاهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْسِرَهُمْ وَيَكُونُوا فَيْئًا وَلَا نَقْتُلَهُمْ. لِأَنَّ الْأَسْرَ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا شَرَطُوا مِنْ الْقَتْلِ. فَإِنَّ الْقَتْلَ نَقْصُ الْبِنْيَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْسِرَ نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ شَرْعًا.
٤١٦ - وَإِنْ شَرَطُوا أَنْ لَا نَأْسِرَ مِنْهُمْ أَحَدًا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَأْسِرَهُمْ وَنَقْتُلَهُمْ. لِأَنَّ الْقَتْلَ أَشَدُّ مِنْ الْأَسْرِ. وَمَقْصُودُهُمْ بِهَذَا الشَّرْطِ يَفُوتُ بِالْقَتْلِ كَمَا يَفُوتُ بِالْأَسْرِ. إلَّا أَنْ تَظْهَرَ الْخِيَانَةُ مِنْهُمْ بِأَنْ كَانُوا الْتَزَمُوا أَنْ لَا يَقْتُلُوا وَلَا يَأْسِرُوا مِنَّا أَحَدًا، ثُمَّ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا مِنْهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَقْتُلَ أَسْرَاهُمْ وَأَنْ نَأْسِرَهُمْ كَمَا كَانَ لَنَا ذَلِكَ قَبْلَ الْعَهْدِ. أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَمَّا صَارُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ لِمُسَاعِدَةِ بَنِي بَكْرٍ عَلَى بَنِي خُزَاعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute