للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانُوا حُلَفَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ قَصَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ إلَيْهِمْ فَإِنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَمِّيَ عَلَيْهِمْ الْأَخْبَارَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً؟ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِنَقْضٍ مِنْهُمْ لِعَهْدِهِمْ. لِأَنَّ فِعْلَ الْوَاحِدِ لَا يَشْتَهِرُ فِي جَمَاعَتِهِمْ عَادَةً، وَلَيْسَ لِهَذَا الْوَاحِدِ وِلَايَةُ نَقْضِ الْعَهْدِ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ. أَلَا تَرَى أَنَّ مُسْلِمًا لَوْ ارْتَكَبَ مَا لَا يَحِلُّ فِي دِينِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا مِنْهُ لِأَمَانِهِ. فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَمَاعَتُهُمْ أَوْ أَمِيرُهُمْ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمُحَارَبَةِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ فَلَا يُغَيِّرُونَهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ مِنْهُمْ. لِأَنَّ فِعْلَ أَمِيرِهِمْ يَشْتَهِرُ لَا مَحَالَةَ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ إذَا فَعَلَهُ مُجَاهِرَةً فَلَمْ يُغِيرُوا عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُمْ أَمَرُوهُ بِذَلِكَ، عَلَى مَا قِيلَ: إنَّ السَّفِيهَ إذَا لَمْ يَنْهَهُ مَأْمُورٌ. وَمُبَاشَرَةُ ذَلِكَ الْفِعْلِ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاهِرَةِ بِمَنْزِلَةِ النَّبْذِ لِلْعَهْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.

٤١٧ - فَإِنْ شَرَطُوا عَلَى أَنْ لَا نَقْتُلَ أَسْرَاهُمْ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلُوا أَسْرَانَا، وَأَسَرُوا مِنَّا أُسَارَى فَلَمْ يَقْتُلُوهُمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْسِرَ نَحْنُ أَيْضًا أَسْرَاهُمْ وَلَا نَقْتُلَهُمْ. لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ نَقْضَ (٧٩ آ) الْعَهْدِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ الْتَزَمُوا بِأَنْ لَا يُقْتَلُوا وَمَا الْتَزَمُوا بِأَنْ لَا يَأْسِرُوا، وَإِذَا بَقِيَ الْعَهْدُ نُعَامِلُهُمْ كَمَا يُعَامِلُونَنَا جَزَاءً وِفَاقًا.

٤١٨ -

<<  <   >  >>