للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارنَا بِأَمَانٍ فَقَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، أَوْ تَجَسَّسَ أَخْبَارَ الْمُسْلِمِينَ. فَبَعَثَ بِهَا إلَى الْمُشْرِكِينَ أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ كُرْهًا، أَوْ سَرَقَ، فَلَيْسَ يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهَا نَقْضًا مِنْهُ لِلْعَهْدِ. إلَّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: يَصِيرُ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ بِمَا صَنَعَ. لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَقَدْ الْتَزَمَ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَهُ كَانَ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ بِمُبَاشَرَتِهِ، مِمَّا يُخَالِفُ مُوجِبَ عَقْدِهِ، وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ نَاقِضَ الْعَهْدِ بِهَذَا رَجَعَ إلَى الِاسْتِخْفَافِ بِالْمُسْلِمِينَ. وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَوْ فَعَلَ الْمُسْلِمُ شَيْئًا مِنْ هَذَا لَيْسَ بِنَاقِضٍ لِإِيمَانِهِ، فَإِذَا فَعَلَهُ الْمُسْتَأْمَنُ لَا يَكُونُ نَاقِضًا لِأَمَانِهِ.

٤١٩ - وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَإِنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَغْزُوكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ. وَلِذَلِكَ قِصَّةٌ. وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١] فَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مُؤْمِنًا مَعَ مَا فَعَلَهُ. وَكَذَلِكَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِين اسْتَشَارَهُ بَنُو قُرَيْظَةَ أَنَّهُمْ إنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاذَا يَصْنَعُ بِهِمْ، فَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى حَلْقِهِ، يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ يَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ. وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [الأنفال: ٢٧] الْآيَةُ.

<<  <   >  >>