وَإِنْ قَالُوا أَمِّنُونَا عَلَى ذَرَارِيّنَا فَأَمَّنُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَهُمْ آمِنُونَ وَأَوْلَادُهُمْ، وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ، وَإِنْ سَفَلُوا مِنْ أَوْلَادِ الرِّجَالِ. لِأَنَّ اسْمَ الذُّرِّيَّةِ يَعُمُّ جَمِيعَ ذَلِكَ. فَذُرِّيَّةُ الْمَرْءِ فَرْعُهُ الَّذِي هُوَ مُتَوَلَّدٌ مِنْهُ، وَهُوَ أَصْلٌ لِذُرِّيَّتِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ ذُرِّيَّةُ آدَمَ وَنُوحٍ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا - قَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ} [مريم: ٥٨] الْآيَةِ (٨٤ ب) .
٤٦٥ - قَالَ: وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ. هَكَذَا قَالَ هَا هُنَا وَوُجْهَتُهُ أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ مِنْ ذُرِّيَّةِ آبَائِهِمْ لَا مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمِ الْأُمِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَوْلَادَ الْخُلَفَاءِ مِنْ الْإِمَاءِ مِنْ ذُرِّيَّةِ آبَائِهِمْ، كَمَا قَالَ الْمَأْمُونُ:
لَا عَيْبَ لِلْمَرْءِ فِيمَا أَنْ يَكُونَ لَهُ ... أُمٌّ مِنْ الرُّومِ أَوْ سَوْدَاءُ عَجْمَاءُ
فَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ ... مُسْتَوْدَعَاتٌ، وَلِلْأَنْسَابِ آبَاءُ
٤٦٦ - وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُدْخِلُ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ. وَوُجْهَتُهُ مَا بَيَّنَّا أَنَّ الذُّرِّيَّةَ اسْمُ الْفَرْعِ الْمُتَوَلَّدِ مِنْ الْأَصْلِ. وَالْأَبُ وَالْأُمُّ أَصْلَانِ لِلْوَلَدِ. ثُمَّ الْأُمُّ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَبِيهَا. فَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا يَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَيْضًا. وَمَعْنَى الْأَصْلِيَّةِ وَالتَّوَلُّدِ فِي جَانِبِ الْأُمِّ أَرْجَحِ، لِأَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِحَضَانَتِهَا فِي رَحِمِهَا. فَإِنَّمَا يَكُونُ الْوَلَدُ مُتَوَلَّدًا مِنْهَا بِوَاسِطَةِ مَاءِ الْفَحْلِ. فَإِذَا جُعِلَ النَّافِلَةُ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَبِ أَبِيهِ، فَكَذَلِكَ يُجْعَلُ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَبِ أُمِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute