للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَجْدَادِ فَإِنَّهُمْ أُصُولُ الْآبَاءِ، مُخْتَصُّونَ بِاسْمٍ، فَكَيْفَ يَتَنَاوَلُهُمْ اسْمُ الْآبَاءِ عَلَى وَجْهِ الِاتِّبَاعِ لِفُرُوعِهِمْ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أُمِّي، وَلَيْسَتْ لَهُ أُمٌّ إنَّمَا لَهُ جَدَّةٌ، أَنَّ الْأَمَانَ لَا يَتَنَاوَلُهَا؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: يَتَنَاوَلُهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْجَدَّةَ تُسَمَّى أُمًّا، قُلْنَا: قَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْخَالَةَ أُمًّا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف: ١٠٠] أَيْ أَبَاهُ، وَخَالَتَهُ.

وَسَمَّى الْعَمَّ أَبًا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا: نَعْبُدُ إلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ: إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: ١٣٣] وَإِسْمَاعِيلُ كَانَ عَمًّا. ثُمَّ أَحَدٌ لَا يَقُلْ إنَّ الْعَمَّ والْخَالَةَ يَدْخُلَانِ فِي الْأَمَانِ لِلْآبَاءِ. لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخْتَصٌّ بِاسْمِ آخَرَ، بِهِ يُنْسَبُ إلَيْهِ. فَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ. بِخِلَافِ بَنِي الِابْنِ فَإِنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بِاسْمِ الْبُنُوَّة، وَلَكِنْ بِوَاسِطَةِ الِابْنِ. فَكَانَ الْأَمَانُ بِهَذَا الِاسْمِ مُتَنَاوِلًا لَهُمْ. وَهَذَا بَيَانُ لِسَانِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ كُلَّ قَوْمٍ فِي لِسَانِهِمْ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ أَنَّ الْجَدَّ وَالِدٌ، كَمَا أَنَّ ابْنَ الِابْنِ ابْنٌ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَمَانِ. وَهَكَذَا فِي لِسَانِ الْفَارِسِيَّةِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْجَدِّ بدر بدر كَمَا يُقَالُ لِلْحَفِيدِ بسر بسر، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

<<  <   >  >>