وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ جَاءَ بِهَا وَهُوَ قَاهِرٌ لَهَا، قَدْ رَبَطَهَا فَنَادَتْ بِالْأَمَانِ أَوْ لَمْ تُنَادِ فَهِيَ فَيْءٌ. لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَسَرَهَا وَأَخْرَجَهَا، وَقَدْ كَانَتْ يَدُهُ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ ثَابِتَةً عَلَيْهَا. وَذَلِكَ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهِ نَفْسَهَا، فَإِنَّهَا حَرْبِيَّةٌ لَا أَمَانَ لَهَا، إلَّا أَنَّهُ حِين أَحْرَزَهَا بِمَنَعَةِ الْجَيْشِ، فَالْجَيْشُ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا، لِأَنَّ الْإِحْرَازَ بِالدَّارِ حَصَلَ بِهِمْ جَمِيعًا. وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنْ أَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا هُنَا إذَا جَاءَ بِهَا قَاهِرًا لَهَا. لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِإِحْرَازِهَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا خُمْسَ فِيهَا لِأَنَّهُ مَا أَصَابَهَا عَلَى وَجْهِ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا أَخَذَهُ الْمُتَلَصِّصُ وَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
٤٨٦ - فَإِنْ قَالَتْ تَزَوَّجْته وَخَرَجْت مَعَهُ، وَقَالَ هُوَ: كَذَبَتْ، بَلْ قَهَرْتهَا وَأَخْرَجْتهَا، أَوْ هِيَ أَمَةٌ اشْتَرَيْتهَا، وَوُهِبَتْ لِي، لَمْ يُصَدَّق عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا جَاءَتْ مَعَهُ مُخَلَّاةً. لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهَا، فَإِقْرَارُهَا بِأَنَّهُ زَوْجُهَا غَيْرُ مُسْقِطِ حُكْمِ يَدِهَا فِي نَفْسِهَا. فَكَانَتْ مُسْتَأْمَنَةً. إلَّا (٨٦ آ) أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَقْهُورَةً، يُعْرَفُ قَهْرُهُ إيَّاهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ. فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. لِأَنَّ بِاعْتِبَارِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْقَهْرِ فِي مَوْضِعِهِ سَقَطَ حُكْمُ يَدِهَا فِي نَفْسِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute