للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ حَقِيقَةَ سَمَاعِهِمْ بَاطِنٌ يَتَعَذَّرُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَفِي مِثْلِهِ إنَّمَا يُعَلِّقُ الْحُكْمَ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ الدَّالِّ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ نِدَاءَهُ

وَإِذَا قَامَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ مَقَامَ الْمَعْنَى الْبَاطِنِ دَارَ الْحُكْمُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَهَذَا لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ الْغُرُورِ وَاجِبٌ (٩٢ ب) . وَمَعْنَى الْغُرُورِ يَتَمَكَّنُ إذَا كَانَ الْمُنَادِي مِنْهُمْ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ نِدَاءَهُ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُنَادِي مِنْهُمْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُونَ نِدَاءَهُ.

٥٣٥ - قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّك لَوْ انْتَهَيْت إلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ نَائِمًا عَلَى فِرَاشِهِ فَنَادَيْته بِالْأَمَانِ وَأَنْتَ قَرِيبٌ مِنْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَك فَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ لِنَوْمِهِ أَوْ لِصَمَمٍ كَانَ بِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ أَمَانًا؟

وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَظْهَرُ، لِأَنَّهُ يَجْعَلُ النَّائِمَ كَالْمُنْتَبِهِ، عَلَى مَا قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَلْوَةِ وَالصَّيْدِ الَّذِي يَقَعُ عِنْدَ النَّائِمِ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ: إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَنَادَاهُ أَوْ أَيْقَظَهُ فَهُوَ حَانِثٌ فِي يَمِينِهِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَنَادَاهُ وَأَيْقَظَهُ.

وَبِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَوَاءٌ أَيْقَظَهُ أَوْ لَمْ يُوقِظْهُ إذَا نَادَاهُ وَهُوَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَكَلِّمًا لَهُ.

٥٣٦ - وَلَوْ كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ أَمَانٌ وَرَمَى بِهِ إلَيْهِمْ فَنَزَلُوا عَلَى ذَلِكَ كَانُوا آمِنِينَ.

<<  <   >  >>