فَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَانْهَزَمُوا فَأَخَذُوا مِنْهُمْ الْأَسْرَى فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلُوهُمْ.
لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرَاعُوا حُرْمَةَ الْحَرَمِ. فَيَكُونُ الْحَرَمُ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْحِلِّ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً.
بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الصِّيَالِ إذَا هَرَبَ لَمْ يَحِلُّ قَتْلُهُ.
لِأَنَّ الصَّيْدَ غَيْرُ عَاقِلٍ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ دَفْعُ أَذَاهُ عِنْدَ قَصْدِهِ حِسًّا، وَقَدْ انْدَفَعَ ذَلِكَ بِهَرَبِهِ.
فَأَمَّا الْآدَمِيُّ عَاقِلٌ يَجُوزُ دَفْعُ أَذَاهُ بِقَتْلِهِ زَجْرًا.
وَلِهَذَا شُرِعَ الْقِصَاصُ لِمَعْنَى الْحَيَاةِ. فَكَمَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ إذَا قَصَدُوا دَفْعًا لِأَذَاهُمْ وَزَجْرًا لَهُمْ عَنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ قَتْلُهُمْ بَعْدَ الِانْهِزَامِ وَالْأَسْرِ لِمَعْنَى الزَّجْرِ عَنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ.
٥٥٩ - وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلُوا الْحَرَمَ مُقَاتِلِينَ وَمَعَهُمْ عَيَّالَاتُهُمْ، فَهُزِمُوا وَأُخِذْت عَيَّالَاتُهُمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤْسَرُوا.
لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعُ الْمُقَاتِلَةِ، وَحِينَ اُلْتُحِقَ الْحُرُمُ بِالْحِلِّ فِي حَقِّ الْأُصُولِ لِهَتْكِهِمْ حُرْمَةِ الْحَرَمِ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَتْبَاعِ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي حَقِّ التَّبَعِ بِثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ.
٥٦٠ - وَلَوْ كَانُوا قَاتَلُوا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ انْهَزَمُوا بِعَيَّالَاتِهِمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ الْحَرَمَ فَحَصَلُوا فِي الْحَرَمِ مُنْهَزِمِينَ لَا فِئَةَ لَهُمْ، لَمْ يَحِلَّ أَنْ يُعْرَضَ لَهُمْ وَلَا لِعِيَالَاتِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute