للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْكَلَأُ وَمَاءُ الْعَامَّةِ.

لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهُ. فَقَدْ أَثْبَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَرِكَةً عَامَّةً بَيْنَ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْكَلَأِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ» .

وَفِي مَنْعِ حَقِّهِ مِنْهُ إسَاءَةٌ إلَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ لَك أَنْ تَمْنَعَهُ الْمَاءَ كَانَ لَك أَنْ تَقْتُلَهُ.

٥٥٦ - فَإِنْ قَالَ الْأَمِيرُ: إنِّي لَا آسِرُهُ وَلَكِنْ أَحْبِسُهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا.

لِأَنَّ فِي الْحَبْسِ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أُخْرِجُهُ مِنْ الْحَرَمِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.

لِأَنَّ الْأَمْنَ الثَّابِتَ بِسَبَبِ الْحَرَمِ يُحَرِّمُ التَّعَرُّضَ لَهُ بِالْحَبْسِ وَالْإِخْرَاجِ كَمَا فِي حَقِّ الصَّيْدِ.

٥٥٧ - وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً دَخَلُوا الْحَرَمَ لِلْقِتَالِ فَلَا بَأْسَ لِلْمُسْلِمِينَ (٩٣ ب) أَنْ يَقْتُلُوهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: ١٩١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: الْحَرَمُ كُلُّهُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ.

أَيْ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تُلْزِمُنَا بِحَمْلِ الْأَذَى عَنْهُمْ، كَمَا لَا يَلْزَمُنَا تَحَمُّلُ الْأَذَى عَنْ الصَّيْدِ حَتَّى إنَّ الضَّبُعَ إذَا صَالَ عَلَى إنْسَانٍ فِي الْحَرَمِ جَازَ قَتْلُهُ دَفْعًا لِأَذَاهُ.

<<  <   >  >>